هل يمكن التمييز بين السؤال العلمي والسؤال الفلسفي ؟ مقالة جدلية بكالوريا 2024 لجميع الشعب
![]() |
هل يمكن التمييز بين السؤال العلمي والسؤال الفلسفي؟ مقالة جدلية |
التمييز بين السؤال العلمي والسؤال الفلسفي هو واحد من الموضوعات أو المقالات المقترحة في بكالوريا 2024 بالنسبة للشعب العلمية في ثانويات الجزائر ، وذلك نظرا لأهمية هذا الموضوع في الوسط العلمي .
و لكون أغلب المقالات التي يتم تقديمها في إمتحانات البكالوريا تكون بصيغة الجدل ، أردنا أن نقدم موضوع هذه المقالة جاهزا ومكتوبا بشكل كامل ، و قابلا للحفظ والتثبيت مباشرة بطريقة الجدل كذلك ، حتى نسهل المهمة على تلاميذ الثالثة ثانوي المقبلين على إجتياز هذا الإمتحان المصيري لهذه السنة .
فبالتوفيق لطلاب الثانويات ، وأصحاب الإمتحانات النهائية الرسمية في جميع التخصصات ، وإليكم المقال كاملا مكتوبا بالتفصيل
موضوع مقالة الفلسفة
مقالة بالجدل تحت عنوان : إمكانية التمييز بين السؤال العلمي والسؤال الفلسفي
نص السؤال
في موضوع السؤال العلمي والسؤال الفلسفي ، يمكن أن يأتي نص السؤال الفلسفي في البكالوريا على شكل مقالة بالجدل كما يلي :
" هل يمكن التمييز بين السؤال العلمي والسؤال الفلسفي ؟ " حلل وناقش .
أو كما يلي :
" هل يمكن التمييز بين العلم والفلسفة ؟ " حلل وناقش
عناصر المقال
في أي مقالة جدلية في مادة الفلسفة للسنة الثالثة ثانوي جميع الشعب ، تتكون المقالة الفلسفية الجدلية من :
- مقدمة : وهي مدخل حول الموضوع المراد النقاش فيه ، ويجب أن تحتوي على أربعة نقاط أساسية ضرورية ، وهي على الترتيب : تمهيد للموضوع المراد كتابة المقالة حوله ، ثم تعريف بالموضوع ، ثم إظهار الجدل القائم بين الفلاسفة ووجود موقفين متعارضين ، و أخيرا طرح الإشكالية الفلسفية على شكل سؤال فلسفي .
- الموقف الأول : وتطرح فيه الحجج والبراهين الخاصة بأنصار هذا الموقف
- النقد الأول : ويتم فيه إنتقاد الفكرة التي جاء بها أنصار الموقف الأول
- الموقف الثاني : وتطرح فيه الحجج والبراهين الخاصة بأصحاب الموقف الثاني ليثبتوا فكرتهم كذلك
- النقد الثاني : ويتم فيه نقد الأفكار التي تطرق إليها أصحاب الموقف الثاني
- ثم التركيب : وهو إعطاء العلاقة التي تجمع الموقفين مع بعضهما أو نقطة الإلتقاء بين الفكرتين
- ثم خاتمة : وهي استنتاج عام لما وصل إليه النقاش في موضوع المقالة الفلسفية محل النقاش
ملاحظة :
أي مقالة يتم كتابتها على طريقة الجدل ، يمكن للطلبة تحويلها إلى مقالة على شكل إستقصاء بالوضع أو إستقصاء بالرفع ، بالإعتماد على ذات الحجج والبراهين المرفقة في المقالة الرئيسية ، وسيتم ذكر عناصر هذا النوع من المقالات في قادم المواضيع إن شاء الله .
كما أن هذا الموضوع بالذات وهو السؤال العلمي والسؤال الفلسفي ، قد يأتي على شكل مقالة بالمقارنة ، لذلك من الواجب على الطلاب الإطلاع على جميع الطرق التي تكتب بها المقالات في مادة الفلسفة وعدم الإكتفاء بنوع واحد فقط .
المقدمة
إن الإنسان يتميز عن بقية الكائنات الأخرى بالعقل ، الذي بواسطته يستطيع التمييز والتفكير ، و هذا الأخير أنواع ودرجات ، تفكير عامي أي تفكير عادي نجده عند الإنسان العادي ، ويتصف بأنه معرفة بسيطة وسطحية ، وتفكير آخر علمي ، نجده عند العلماء ويتصف بالموضوعية والوضعية ، و تفكير ثالث فلسفي ونجده عند الفلاسفة ، ويتصف بالعمق في التحليل والتفسير ، لكن ما ينتج عن التفكير بين الأخيرين (العلمي و الفلسفي ) هو ما يعرف بالسؤال العلمي والسؤال الفلسفي . ولقد دار جدال بين المفكرين والفلاسفة حول هذين النوعين من الأسئلة ، بين قائل بأنه يمكن التمييز بين السؤال العلمي والسؤال الفلسفي ، وبين معارض لذلك ومؤكد على أنه لا تمييز بينهما ، هذا ما يدفعنا لطرح التساؤل التالي :
هل يمكن التمييز بين السؤال العلمي والسؤال الفلسفي؟ أم أن لا تمييز بينهما ؟
أنصار الموقف الأول
يرى أنصار الموقف الأول بأنه يمكن التمييز بين السؤال العلمي والسؤال الفلسفي ، وذلك لوجود عدة نقاط اختلاف وتباين بينهما و تظهر هذه النقاط على عدة أصعدة :
فمن حيث الموضوع ، يختص العلماء في دراسة الظواهر الطبيعية المحسوسة ، بمعنى أن السؤال العلمي مجاله الواقع المادي أو ما يسمى بالفيزيقا ، يتحرك ويشتغل في مجال جزيئات الطبيعة وظواهرها ، بغرض فهم أسبابها وكيفيات حدوثها ، فهو سؤال يتناول العلل التجريبية الجزئية ، في عدة فروع وتخصصات معرفية ، فكل عالم له مجال تخصصه ، فمثلا الجيولوجي يقوم بدراسة الزلازل والبراكين ، والبيولوجي يدرس علم الأحياء ، كما نجد من مواضيع العلم تركيب المادة ، و سقوط الأجسام ، أما السؤال الفلسفي فيتناول الموضوعات المعنوية المجردة ، ولا يهتم بالجزيئات ، فهو يقوم على النظرة الشاملة للحياة والكون والإنسان ، فيقول أرسطو « لا علم إلا بالكليات » كما يتميز بالتعمق في النفس والتعليل وتأمل ما وراء المبادئ واستكشاف أصولها ، فهو تساؤل من الحياة وعن الحياة وما وراءها ، والتعبير عن أدق مجالاتها و إثارة أعمق مستويات التفكير الإنساني ، ومن مواضيع الفلسفة نجد الحرية ، الإدراك ، الوعي و الوجود لهذا عرف أرسطو الفلسفة بقوله « البحث في الوجود بما هو موجود » ، وعرفها أفلاطون « البحث عن العلل الأولى للوجود » ، فمجال السؤال الفلسفي هو الميتافيزيقا و يتعلق بما وراء الطبيعة أو الماورائيات .
كما يرى أنصار هذا الموقف أنه يمكن التمييز بين السؤال العلمي والسؤال الفلسفي من ناحية أخرى ألا وهي المنهج المتبع ، فالعلماء يتبعون للإجابة عن الأسئلة العلمية ، المنهج التجريبي الذي يقوم على الملاحظة ، الفرضية ، والتجربة ، للوصول إلى القوانين العامة التي تحكم الظواهر الطبيعية ، وهو ما يسمى بالإستقراء الذي ينطلق من أحكام جزئية إلى حكم كلي ، أي الإنتقال من دراسة جزئية للظواهر إلى قانون عام يحكمها ، يقول كلود برنارد « إن التجربة هي الوسيلة الوحيدة التي نملكها لنتطلع على طبيعة الأشياء التي هي خارجة عنا » .
أما السؤال الفلسفي ، فمنهجه تأملي عقلي حدسي ، كما يسميه هنري بريجسون إذ يقول « يقوم العلم على التحليل أما الفلسفة فتقوم على التأمل العقلي » ، ذلك أن السؤال الفلسفي يخاطب العقل ويوجهه إلى البحث عن الأسباب القصوى والمبادئ الأولى للأشياء ، ويخاطب الإنسان ككيان واعي ، ويثير في أعماق حياته الذهنية والإجتماعية الحرة القلق والدهشة الناتجة عن جهلنا بأنفسنا وبالأشياء ، وكل هذا يدفع الإنسان إلى البحث والتفكير وتحصيل المعرفة ، وبالتالي الوصول إلى الحقيقة المطلقة وهي أقصى ما يطمح إليه الفيلسوف ، يقول جون ستيوارت ميل « الطبيعة كتاب مفتوح ، إذا أردت أن تعرف قوانينها عليك أن تشاهدها » .
كما يتفق أصحاب هذا الموقف على إمكانية التمييز بين السؤالين باعتبار اختلاف كل منهما من حيث الهدف ، فالعلم يهدف إلى معرفة القوانين العامة التي تفسر الظواهر الطبيعية وتمكن العلماء من التنبؤ بها أو بعبارة أخرى يهدف إلى انطباق الفكر مع الواقع ، بالوصول إلى إكتشاف العلاقات الضرورية التي تتحكم في الظواهر وبالتالي قوانينها ، أما هدف الفلسفة فهو الوصول إلى العلل الأولى وإلى حقيقة الحقائق ، أي انطباق الفكر مع ذاته ، بالتعدي من المجال الحسي إلى مجال ما وراء الطبيعة .
كما يبين هؤلاء القدرة على التمييز بين النوعين من خلال التمييز بين نتائجهما
فباعتبار السؤال العلمي يتعلق بما هو كائن ، ويعتمد على الأحكام التقريرية ، وبالتالي فنتائجه متفق عليها ، لأن مصدرها هو المنهج العلمي وليس الذاتية التي هي مصدر الاختلاف ، فنتائج العلم تتسم بالموضوعية و الدقة واليقين ، حيث أنها تكون قوانين عامة ، تصاغ صياغة رياضية رمزية ، تكميمية ( الكم ) ، أما السؤال الفلسفي وباعتباره يتعلق بما يجب أن يكون وبالتالي بما هو معياري ، فنتائجه ليست متفق عليها ، فالفلسفة بطبيعتها مادة خلافية ، بدليل ظهور مذاهب فلسفية متعددة ومتجادلة ، فالسؤال الفلسفي يصل إلى مواقف متباينة ، وهذا مرتبط بطبيعة الموضوعات التي يتناولها ، ولأن الفيلسوف يعطي حلولا مؤقتة تعبر عن موقفه تجاه سؤال معين ، وبذلك تكون نتيجته احتمالية و نسبية متغيرة .
نقد الموقف الأول
صحيح ما ذهب إليه أنصار هذا الموقف في كون السؤال العلمي والسؤال الفلسفي لا يتفقان في بعض الأصعدة ، لكن هذا لا يمكن من التمييز بينهما ، فكل من السؤال العلمي والفلسفي وسيلة للاستفسار والاستعلام وكذا استطلاع المجهول ، وكل منهما صادر عن الجهل الإنساني وليس عن الحيوان فمصدرهما الإنسان ، وكلاهما دليل على الدقة واليقين ، ولو كان غير ذلك لكانت الحتمية هي ميزة النتائج المتوصل إليها .
أنصار الموقف الثاني
يرى أنصار الموقف الثاني بأنه لا يمكن التمييز بين السؤال العلمي والسؤال الفلسفي ، وقد انطلقوا من حجة وجود نقاط مشتركة كثيرة بينهما ، فكل منهما يملك دافع واحد وهو تجاوز المعرفة العامية الساذجة ، والوصول إلى معرفة حقيقية تخدمه وذلك بطلبها أو الاستفسار عنها ، وهو ما يعبر عنه شعور الجهل وفضول المعرفة المتسببان فيه كلاهما واستطلاع المجهول ، لهذا يقال « للعالم دهشة الفضول ، وللفيلسوف دهشة الذهول » ويقول أفلاطون « إن خاصية الفلسفة ، الاندهاش » ، فهما من الأسئلة الإنفعالية التي تاخذ بصميم أحوال النفس وأفعالها ، بما تثيره من توتر وقلق نفسي وعقلي ، ملؤه الدهشة والتعجب والإحراج ، مقترنا بعملية يقظة فكرية ، ينهض معها الإنسان بكيانه كله مواجها مختلف القضايا ، لهذا يقول أرسطو « إن الدهشة هي الأم التي أنجبت لنا الفلسفة » ، كما أن الدهشة أفادت الكثير من العلماء ، فدهشة نيوتن جعلته يكتشف قانون الجاذبية ، ودهشة أرخميدس جعلته يكتشف قانون طفو الأجسام .
كما أن السؤال العلمي والسؤال الفلسفي يتصفان بالدقة والعمق في تحليل مختلف الأسئلة ، لهذا فكلاهما يخص الإنسان دون بقية الكائنات الأخرى ، لأنه هو الكائن الوحيد الذي يطرح أسئلة فلسفية وعلمية ، وبالتالي يتفلسف ويفسر الظواهر الطبيعية تفسيرا علميا ، وعليه فهما يحملان خاصية إنسانية واعية ، قائمة على الإرادة ، ضبطها عقل الإنسان ، ذلك أن العالم والفيلسوف يتسلحان بسلاح الشك المنهجي الذي يعتبر وسيلة للتأكد من صدق المعلومات ، والوصول إلى اليقين ، وهو ما يدل على أن هذين السؤالين متميزين بفئة خاصة من الناس .
بالإضافة إلى ذلك ، فكل من السؤال العلمي والفلسفي يملكان موضوع يقتضي اتباع منهج معين ، ولهما غاية واحدة هي البحث عن الحقيقة ، بالإعتماد على مهارات مكتسبة ، وهما ينتجان عن إبداع إنساني ، يمدنا بالجديد كل يوم .
نقد أنصار الموقف الثاني
صحيح أن السؤال العلمي والفلسفي يلتقيان في العديد من النقاط المشتركة في طريق بحثهما عن الحقيقة والمعرفة المتعلقة بكل واحد منهما ، لكن هذا لا يعني أن السؤال العلمي والفلسفي شيء واحد ، أو أنه لا يمكن التمييز بينهما ، فكل واحد له منهجه ، و موضوعه ، و هدفه الخاص به ، والفروقات التي تحيطهما هي أكبر دليل على أن السؤال العلمي والفلسفي مختلفان ، وإن كانا مشتركين ، فلماذا لم يكن هناك اتفاق بين المفكرين الفلاسفة ، وبين المجربين العلماء ، حول الكثير من قضايا هذا الكون المليئ بمختلف الظواهر ؟ ولماذا لم تكن نتائج الفلسفة وتساؤلاتها ، هي نفس النتائج التي توصل إليها العلم وأبحاثه ؟
التركيب
بالرغم من الجدل القائم بين الفلاسفة والمفكرين ، حول إمكانية التمييز بين السؤال العلمي والسؤال الفلسفي ، إلا أنه يمكن القول أنهما يملكان تأثيرا متبادلا ، فالسؤال العلمي يؤثر في السؤال الفلسفي ، أي أن الفلسفة تعتمد على العلم ، لأن السؤال الفلسفي ينطوي على جانب علمي ، بدليل ظهور مذاهب فلسفية معاصرة تعتمد على أسس علمية ( الماركسية ، الوضعية ) ، كما أن السؤال الفلسفي يؤثر بدوره في السؤال العلمي ، لأن العلم يعتمد على الفلسفة ولأنه ينطوي على أبعاد فلسفية ، بدليل فلسفة العلوم ، فالفيلسوف هو الذي يوجه العلم من الناحية المنهجية والمعرفية ، وهذا بتقييم ونقد العلوم من أجل تحقيق التطور ، والابتعاد عن الأخطاء ، يقول الفيلسوف الألماني هيجل « إن الفلسفة تظهر في المساء ، بعد أن يكون العلم قد ولد في الفجر » ، كما يقول غاستون باشلار « تبدأ الفلسفة حيث ينتهي العلم » .
خاتمة
ما نصل إليه في الأخير وبعد هذا التحليل ، هو أن السؤال العلمي والفلسفي بالرغم من اختلافهما منهجا وموضوعا ، لكن يبقى هدفهما واحد ، وهو تجاوز المعرفة العامية ، وفهم الظواهر لخدمة الإنسانية ، من جانبها المادي والروحي .
فالسؤالان مرتبطان بعلاقة وطيدة ، فالفلسفة تتأخر إذا لم تتخذ العلوم سندا لها ، والفيلسوف يحلق بخياله في عالم الأوهام والخيال ، ويبتعد عن الواقع الإنساني ، والفلسفة بدورها تدفع العلم إلى التفكير في مبادئه ومنهجه وفرضياته ، والعالم بدون فلسفة ، يبقى ضالا في صحراء جرداء ، بدون هدف أو غاية يتجه اليها .
فالفلسفة تحل مشكلات العلم ، والعلم يمدها بمبادئه ونتائجه لتتخذها موضوعا لها ، يقول جوبلو « لقد عملت الفلسفة على تلوين سائر العلوم » ، كما يقول ويل ديورانت « العلم بدون فلسفة ، أداة خراب ودمار ، وفلسفة بدون علم عاجزة »
كانت هذه واحدة من أهم المقالات المقترحة في بكالوريا 2024 لجميع الشعب بطريقة الجدل ، نتمنى أن يستفيد منها أكبر عدد ممكن من التلاميذ ، وخاصة طلاب المراحل النهائية ، وتلاميذ السنة الثالثة ثانوي ، المقبلين على إجتياز هذا الإمتحان الرسمي الكبير الذي يجرى في كل عام .
مقالات قد تعجبكم كذلك
تعليقات
إرسال تعليق