القائمة الرئيسية

الصفحات

هل دائما لكل سؤال جواب ؟ فلسفة بكالوريا 2024 جميع الشعب

  هل دائما لكل سؤال جواب ؟ بكالوريا 2024 جميع الشعب



مقالة بالجدل في مادة الفلسفة

مع اقتراب موعد شهادة البكالوريا 2023 في الجزائر ، يزيد ضغط المراجعة على التلاميذ خاصة مع كثرة الدروس وتراكمها في جميع المواد ، ففي الفصل الثالث من السنة الدراسية لتلاميذ السنوات النهائية ونخص بالذكر تلاميذ السنة الثالثة ثانوي جميع الشعب العلمية والأدبية ، يتسارع الزمن ويضيق الوقت ، ويصبح من الضروري عمل مراجعة شاملة لجميع المعلومات السابقة التي تم التطرق إليها مع الأساتذة خلال الفصل الأول والفصل الثاني من السنة الدراسية .
نقدم لكم يا طلابنا الأعزاء مقالة جدلية مكتوبة كاملة جاهزة للحفظ والتثبيت مباشرة ، نتمى أن تستفيدوا منها وإليكم المقال فيما يلي :

الموضوع

مقالة بالجدل :  هل دائما لكل سؤال جواب ؟ حلل وناقش

نص السؤال

قد يأتي السؤال حول موضوع « السؤال والجواب » في مادة الفلسفة على النحو التالي :

هل لكل سؤال جواب ؟

أو: هل بالضرورة لكل سؤال جواب دائما ؟ حلل وناقش

عناصر المقالة

طرح المشكلة

إن طبيعة المحيط الذي وجد الإنسان نفسه فيه ، لا تلبث إلا دفع فضوله ، وتثير رغبته في معرفته ، والكشف عن أسراره وتجاوز ما جهله ، وهذا لا يتأتى له إلا عن طريق توظيف قدراته العقلية التي تعتمد على أدوات منها : طرح الأسئلة .

والسؤال هو مفتاح المعرفة ، قد يكون للإستفهام ، للإستفسار ، أو للإستعلام ، مثل: هل الغناء حلال أم حرام ؟ أو يكون للتعريف والتبيين ، مثل : يا مريم أنا لك هذا ؟ كما قد يدل على الإعتراض  لنفي الحكم الذي إدعاه المدعي ، مثل : لماذا الظلم ؟

أي أن الأسئلة واسعة ومتعددة الصور ومن الصعب تأكيد الإتفاق حولها ، لأنها مرتبطة بعملية توجيه السؤال الذي يعتبر ضرورة فكرية ، يحمل في طياته كثيرا من التنوع .

ولقد دار جدال ونقاش حاد بين المفكرين والفلاسفة ، حول إمكانية أن يكون لكل سؤال جواب ، بين قائل بأن كل سؤال يتبعه جواب خاص به ، و بين مؤكد أنه ليس لكل الأسئلة أجوبة . 

هذا ما يدفعنا لطرح التساؤل التالي :

هل فعلا لكل سؤال جواب ؟ أم أن وجود سؤال ، لا يعني بالضرورة ، وجود جواب لذلك السؤال ؟

أنصار الموقف الأول

يرى أنصار الموقف الأول أنه دائما لكل سؤال جواب محدد ، و قد انطلقوا من جهة أنه نتمكن من الإجابة عن كثير من الأسئلة الخاصة بالقضايا العملية التي تواجهنا وسير ما ألفنا واعتدنا عليه ، وكذلك معرفة جواب ما اكتسبناه وتعلمناه ، وهذا يبرز في مجال الأسئلة البسيطة والمكتسبة والعملية ، فالأسئلة البسيطة و المكتسبة ، هي نوع من الأسئلة التي تتحكم فيها ظروف الحياة اليومية للإنسان وما ألفه واعتاد عليه ، من فعل و رد فعل للتواصل مع الآخرين بطريقة عفوية ، تلقائية ، يلعب فيها التقليد دورا أساسيا ، مثل : ما إسمك ؟ أين تدرس ؟ من أين جئت ؟ وغيرها من الأسئلة .

 يضاف إلى هذا ، ما يتعلمه الفرد وما يكتسبه من معطيات علمية مضبوطة يتلقاها ويحفظها ، ثم يقوم بتوظيفها في مختلف تعاملاته ، مثال : لماذا يتبخر الماء ؟ أو كيف تتمدد المعادن ؟ 

أما الأسئلة العملية ، وهي نوع من الأسئلة التي تضع الإنسان في مواقف عملية محرجة ، تدعو إلى توجيه الفكر ، وتحريك الذكاء واستخدام العقل ، لإيجاد حلول عملية و وظيفية تكون مناسبة لوضعيات ومواقف صعبة ، قصد التكيف والتأقلم معها .

الرد على الموقف الأول أو نقد الموقف الأول

صحيح ما ذهب إليه أصحاب هذا الموقف في قولهم ، بأن هناك أسئلة يمكن الإجابة عنها ، والتي تخص صنف الأسئلة البسيطة ،  المكتسبة ، والعملية لكن إذا ارتقينا أكثر فوق هذه المستويات وصولا إلى صنف الأسئلة الإنفعالية التي تجعل الإنسان حائرا مندهشا ، أمام بحر من التساؤلات عن الحياة والكون وما تحمله من صور الخير والشر ، ولذة وألم ، وشقاء وسعادة ، ومصير وغيرها من الأسئلة التي تنبثق من صميم وجودنا وتعبر عن وضعيات مستعصية ، ومسائل مغلقة ، وتناقضات محيرة ، لا يصح القول أن لكل سؤال جواب ، لأننا نقف أمامها ننتظر الجواب . وتبقى كمشكلات عالقة تبحث عن حلول ، وهذا ما يعبر عنه الفلاسفة في تساؤلاتهم الكبرى وما تحمله من مشكلات .

أنصار الموقف الثاني 

يرى أنصار الموقف الثاني بأنه ليس لكل سؤال جواب ، وقد انطلقوا من الحجة التي تبين أن هذا الموقف يتجلى في الأسئلة الإنفعالية التي هي نوع من الأسئلة التي تأخذ بصميم أحوال النفس وأفعالها ، فتثير توترا وقلقا نفسيا وعقليا ملؤه الدهشة والتعجب والإحراج ، مقترنا بعملية يقظة ،  فكرية، ينهض معها الإنسان بكيانه كله موجها مختلف القضايا وكذا المشكلات الدينية الإجتماعية والفلسفية والعلمية . 

 والملاحظ أن هذه الأسئلة الإنفعالية وما تحمله من مميزات نجدها تظهر بوضوح في حياة المفكرين ، وأعمال العلماء والفلاسفة ، فهذا باسكال رياضي وفيلسوف فرنسي يتساءل في تأملاته عن حقيقة وضعه في الوجود :

(( لماذا كانت المعرفة محدودة ؟  لماذا فرضت علي هذه القامة القصيرة ؟ لماذا حدد عمري ؟ إلى آخره )) ، ونفس الحال بالنسبة للفيلسوف اليوناني سقراط  ، فقد حملته روحه الفلسفية على التجوال في الشوارع وأسواق مدينة أثينا ، يحاور الناس ويسألهم عن الحق والعدل والفضيلة والصداقة وغيرها  ، في تساؤلات مستمرة لا يكف عن إثارتها ، محاولا إيجاد إجابة عنها . 

والحال أيضا بالنسبة  للعالم الفيزيائي إسحاق نيوتن الذي لم تكف نظرياته التي درسها حول سقوط الأجسام ، ولا تجاربه المخبرية ، بل كان يبقى يحمل همه العلمي ويعايشه في كل لحظة ، حتى يكتشف له الأمر مع سقوط التفاحة ، ثم بصيغه  قانون الجاذبية  فيما بعد . فالأسئلة الإنفعالية ، هي أسئلة  يتحكم في الإجابة عنها التوتر النفسي والعقلي نظرا لارتباطها بقضايا متعددة

الرد على الموقف الثاني أو نقد الموقف الثاني

صحيح ما ذهب إليه أصحاب هذا الموقف في كون الأسئلة الإنفعالية صنفا غالبا ما لا يكون له جواب محدد ، مع ذلك التاريخ والواقع يؤكدان بأن الإنسان يملك القدرة على إيجاد الحلول لجميع القضايا المطروحة  في عالمه الخارجي ، لأنه يملك قدرات عقلية ، من ذكاء وذاكرة  وتخيل وإدراك ،  إلى آخره ،  وله من الأدوات أو الوسائل ، ما يسهل عليه إيجاد الإجابات لجميع الأسئلة ، إذا قام ببذل مجهود كبير في ذلك ، ولا تتوقف إجابته عند الأسئلة البسيطة المبتذلة أو العملية ، لأن هذا الصنف من الأسئلة  يستطيع العوام إيجاد إجابة له ، ونحن نعرف الفروق بين الإنسان العادي وآخر عالم أو فيلسوف 

التركيب 

في ظل هذا الإختلاف ، يمكن التأكيد على أن بعض الأسئلة  يستطيع الإنسان إيجاد إجابات وفية لها  ، والبعض الآخر خاصة التي تعبر عن وضعيات مستعصية ومسائل مغلقة وتناقضات محيرة تبقى مده طويلة لا حلول لها  كمشكلات عالقة ، وهذا ما يتجلى عند الفلاسفة  في المسائل أو المشكلات الفلسفية الكبرى

خاتمة

في الختام وبعد هذا التحليل ، نستنتج مما سبق ذكره أن مقولة لكل سؤال جواب تنطبق على صنف الأسئلة البسيطة المبتذلة التي  تتحكم في الإجابة عنها العادة والمألوف ، أو صنف الأسئلة المكتسبة التي يتعلمها ويحصلها الفرد تتحكم في الإجابة عنها التجريب العلمي ، وإذا كانت كذلك من صنف الأسئلة العملية التي توجه الفكر وتحرك الذكاء ، قصد التكيف والتأقلم معها .

 أما إذا تجاوزتها إلى الأسئلة الإنفعالية علمية  كانت أو فلسفية ، فإنه يصعب أحيانا إيجاد إجابة لها ، وبالتالي ينطبق عليها القول ليس لكل سؤال جواب .


أنظر أيضا :


مقالة بالمقارنة : الفرق بين المشكلة والإشكالية



تعليقات