القائمة الرئيسية

الصفحات

مقتطفات من السيرة النبوية الشريفة

مقتطفات من السيرة النبوية الشريفة



السيرة النبوية الشريفة 



موعد المولد النبوي الشريف لعام 2021 الموافق ل1443 للهجرة قد اقترب وهو ذكرى سنوية لميلاد خير خلق الله محمد صلى الله عليه وسلم ففي كل عام يحتفل المسلمون بهذه المناسبة الدينية العظيمة التي شهدت على أعظم حدث في تاريخ البشرية جمعاء 

لذلك كان حريا بنا أن نعرف سيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم ونستذكر أخلاقه الفاضلة وصفاته السامية التي أكرمه الله تعالى بها فكان أعظم الناس خلقا وخلقا 

في هذا المقال سنعرض بعضا من سيرة النبي الأكرم محمد صلى الله عليه و سلم ، ونتعرف على رأي الدين الإسلامي في جواز الإحتفال بيوم ميلاده و مدى صحة مظاهر الإحتفال بالمولد النبوي من مأكل ومشرب وغيرها وماهي الطريقة الصحيحة للإحتفال بالمولد النبوي2021

مقتطفات من السيرة النبوية الشريفة  لرسول الله صلى الله عليه و سلم

نسب النبي صلى الله عليه وسلم

لنسب رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم وهو أشرف الناس نسبا  ثلاثة أجزاء 

الجزء الأول اتفق أهل السير والأنساب على صحته وهو إلى عدنان وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم هو
 أبو القاسم، محمَّد بن عبد الله ، بن عبد المطلب، بن هاشم، بن عبد مناف، بن قصَيِّ، بن كلاب، بن مُرَّةَ، بن كعب، بن لُؤَيِّ، بن غالب، بن فهر -وهو الملقب بقريش وإليه تنسب القبيلة - بن مالك، بن النَّضر، بن كِنانة، بن خُزيمة، بن مُدْرِكة، بن إلياس، بن مضر، بن نِزارِ، بن مَعَدِّ، بن عدنان من ولد اسماعيل إبن إبراهيم عليه السلام.
الجزء الثاني اختلفوا فيه ما بين متوقف فيه وقائل به  وهو ما فوق عدنان إلى إبراهيم عليه السلام 

الجزء الثالث  لا شك أن فيه أمورا غير صحيحة وهو ما فوق إبراهيم إلى آدم عليهما السلام 

المولد والنشأة و40 عاما قبل النبوة

ولد النبي صلى الله عليه و سلم  بشعب بني هاشم بمكة في صبيحة يوم الإثنين  لأول عام من حادثة  الفيل  تلك الحادثة المشهورة حين أراد أبرهة الحبشي هدم الكعبة وكان ذلك لأربعين سنة مضت من ملك كسرى ويوافق ذلك عام 571 م 

أما الشهر بالتحديد فهو غير معلوم فقد قيل بأنه الثاني عشر من ربيع الأول وقيل الثامن عشر من ربيع الأول وقيل في شعبان وقيل في رمضان فلا يعرف بالضبط متى ولد النبي صلى الله عليه وسلم إلا أنه يوم الاثنين

وقد رافق ميلاده صلى الله عليه وسلم علامات وحوادث تدل على المكانة العظيمة  لهذا المولود الجديد النبي الكريم وهي ارهاصات ومقدمات تشير الى ولادة آخر الأنبياء  ومنها سقوط أربع عشرة شرفة من إيوان كسرى وخمود النار التي يعبدها المجوس وانهدام الكنائس حول بحيرة ساوة 

وروي أن أم رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت " لما ولدته خرج من فرجي نور أضاءت له قصور الشام "

أمه صلى الله عليه وسلم هي آمنة بنت وهب وأبوه هو عبد الله بن عبد المطلب من بني هاشم  وقد توفي والده قبل ميلاده صلى الله عليه وسلم

لما ولدته أمه أرسلت إلى جده عبد المطلب تبشره  بحفيده فجاء مستبشرا ودخل به الكعبة ودعا الله وشكر له واختار له اسم محمد -وهذا الإسم لم يكن معروفا في العرب -وختنه يوم سابعه كما كان العرب يفعلون 

أول من أرضعته من المراضع بعد أمه آمنة هي  ثويبة مولاة أبي لهب وكانت قد أرضعت قبله حمزة بن عبد المطلب فقد كانت العادة عند الحاضرين من العرب أن يلتمسوا المراضع لأبنائهم ابتعادا لهم عن الأمراض وتقوية لأجسادهم وأعصابهم ولكي يتقنوا اللسان العربي في مهدهم فالتمس الجد عبد المطلب للنبي صلى الله عليه وسلم الرضعاء فاسترضع له امرأة من بني سعد وهي حليمة السعدية وزوجها الحارث بن عبد العزى المكنى بأبي كبشة 

فإخوة النبي صلى الله عليه وسلم هناك من الرضاعة عبد الله بن الحارث وأنيسة بنت الحارث وحذافة بنت الحارث وهي الملقبة بالشيماء كما ان حمزة بن عبد المطلب استرضع في بني سعد كذلك فكان رضيع رسول الله من وجهين من جهة ثويبة ومن جهة السعدية 

ولقد رأت حليمة السعدية من بركة رسول الله صلى الله عليه وسلم العجب الكثير و منها قصتها حين أخذت النبي صلى الله عليه وسلم وقد كانت تشكو وقومها الجوع وقلة الغيث ثم كيف بارك الله لها ولزوجها في غنماتها وصارت تضخ لبنا فبقي الرسول عندهم وصارت البركة والزيادة في الخير من الله لهم حتى مضت سنتاه صلى الله عليه وسلم وهو عندهم 

وشب النبي شبابا لا يشبه الغلمان ولما كان من بركته مكث في بني سعد حتى إذا كانت السنة الرابعة أو الخامسة من مولده وقع حادث شق صدره  فخشيت عليه حليمة بعد هذه الوقعة حتى ردته إلى أمه فكان عندها إلى أن بلغ ست سنين 

وفي ذكرى وفاة عبد الله بن عبد المطلب والد رسول الله خرجت أمه من مكة تلتمس قبره بيثرب في رحلة تبلغ خمسمائة كيلومترا  ومعها رسول الله صلى الله عليه وسلم وخادمتها أم أيمن وقيمها عبد المطلب فمكثوا شهرا وفي طريق العودة لاحقها المرض فماتت بالأبواء بين مكة والمدينة 

فعاد به جده إلى مكة وأبقاه عنده يغمره بحنانه وعطفه وبقي ذلك الحفيد اليتيم في كنف جده إلى أن بلغ ثماني سنوات وشهرين وعشرة أيام من عمره صلى الله عليه وسلم ثم توفي جده بمكة  فتكفل به عمه أبي طالب شقيق أبيه وضمه إلى ولده وقدمه عليهم واختصه بالاحترام والتقدير حيث ظل فوق أربعين سنة بجانبه يحميه ويخاصم من أجله 

كان النبي صلى الله عليه وسلم رفيقا دائما لعمه ومنها أنه حين بلغ اثنتي عشرة سنة ارتحل به الى الشام تاجرا ووقع هناك الموقف المشهور مع راهب ذاك البلد وكان اسمه بحيرا الذي أقر بنبوة النبي صلى الله عليه وسلم 

شهد النبي صلى الله عليه وسلم في صغره مواقف كثيرة ومنها حرب الفجار وكان فيها ابن خمس عشرة سنة فكان ينبل على عمومته أي يجهز لهم النبل للرمي كما شهد حلف الفضول الذي كان على إثر تلك الحرب  

لم يكن للنبي صلى الله عليه وسلم في أول شبابه عمل معين إلا أن الروايات ذكرت بأنه كان يرعى الغنم في بني سعد وفي مكة كذلك 

فقد ورد في ذلك عن أبي هريرة رضي الله عنه: "ما بَعَثَ اللهُ نَبِيًّا إلَّا رَعَى الغَنَمَ، فقالَ أصْحابُهُ: وأَنْتَ ؟ فقالَ: نَعَمْ، كُنْتُ أرْعاها علَى قَرارِيطَ لأهْلِ مَكَّةَ"  والقراريط جزء من الدينار أو الدرهم، وعمل بعد ذلك بالتجارة وكذلك كثير من أصحابه كانوا تجّارًا


ولما بلغ الخامسة والعشرين من عمره صلاة ربي وسلامه عليه خرج تاجرا إلى الشام في مال السيدة  خديجة بنت خويلد فقد كانت رضي الله عنها إمرأة تاجرة ذات شرف ومال تستأجر الرجال في مالها وتضاربهم إياه وحين بلغها عن أمانة رسول الله وصدقه وكرم أخلاقه بعثت إليه وعرضت عليه أن يخرج بمالها إلى الشام فتعطيه أفضل ما كانت تعطي غيره من التجار فكان لها ذلك إذ وافق رسول الله على طلبها وخرج بمالها مع غلامها ميسرة حتى قدم الشام 

لما عاد النبي إلى مكة ورأت خديجة في مالها من الأمانة والبركة مالم تر قبل هذا وقد أخبرها غلامها ميسرة بما رأى في رسول الله من خصال حميدة وشمائل كريمة وفكر راجح ونهج أمين وجدت ضالتها المنشودة وقد كان سادات القوم ورؤساء القبيلة يحرصون على زواجها فتأبى فتحدثت بما يجول في خاطرها إلى صديقتها نفيسة بنت منية فذهبت هذه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تفاتحه بأن يتزوج خديجة فرضي بذلك وكلم أعمامه وذهبوا إلى عم خديجة وخطبوها إليه وعلى إثر ذلك تم الزواج المبارك وحضر العقد بنو هاشم ورؤساء مضر وكان ذلك بعد رجوعه عليه الصلاة والسلام من الشام بشهرين وأصدقها عشرين بكرة وكانت سنها رضي الله عنها إذ ذاك أربعين سنة فهي يومئذ أفضل نساء قومها نسبا وثروة وعقلا وهي أول امرأة تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يتزوج عليها غيرها حتى ماتت 

كل أولاد رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا من السيدة خديجة بنت خويلد سوى إبراهيم فقد ولدت له أولا القاسم -وبه كان يكنى - ثم زينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة وعبد الله وكان عبد الله يلقب بالطيب الطاهر وقد مات بنوه كلهم في صغرهم  أما البنات فكلهن أدركن الإسلام  فأسلمن وهاجرن إلا أنهن أدركتهن الوفاة في حياته صلى الله عليه وسلم سوى فاطمة رضي الله عنها فقد تأخرت بعده ستة أشهر ثم لحقت به .

حين بلغ النبي خمسا وثلاثين سنة من مولده قامت قريش ببناء الكعبة لأنها كانت أثرا قديما من عهد إسماعيل عليه السلام ولم يكن لها سقف وصدعت جدرانها وقبل بعثته صلى الله عليه وسلم بخمس سنين جرف مكة سيل عرم وانحدر إلى البيت الحرام فأوشكت الكعبة منه على الإنهيار فاضطرت قريش إلى تجديد بنائها حرصا على مكانتها واتفقوا على أن لا يدخلوا في بنائها إلا طيبا فقاموا بهدمها إلى أن وصلوا إلى قواعد إبراهيم عليه السلام ثم أخذوا يبنونها وتولى البناء بناء رومي اسمه باقوم فلما بلغ البناء موضع الحجر الأسود اختلفوا فيمن يمتاز بشرف وضعه في مكانه واستمر النزاع أربع ليال أو خمسا واشتد حتى كان أن يتحول إلى حرب ضروس في أرض الحرم لكن النبي صلى الله عليه وسلم فض النزاع بينهم بعد أن احتكموا إليه فهو الصادق الأمين بينهم  وذلك بأن طلب رداءا فوضع الحجر وسطه وطلب من رؤساء القبائل المتنازعين أن يمسكوا جميعا بأطراف الرداء وأن يرفعوه حتى إذا أوصلوه إلى موضعه أخذه بيده فوضعه في مكانه وقد رضي القوم بهذا الحل فكان ذلك.

لقد كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم أطهر الخلق سيرة قبل النبوة وبعدها فقد جمع في نشأته خير ما في طبقات الناس من ميزات فكان طرازا رفيعا من الفكر الصائب والنظر السديد وكان ذو حظ وافر من حسن الفطنة وسداد الوسيلة ذو فطرة صافية تعيف ما سواها من الخرافة يتعايش مع الناس على بصيرة فما وجد حسنا شارك فيه وإلا عاد إلى عزلته فكان صلى الله عليه وسلم لا يشرب الخمر ولا يأكل مما ذبح على النصب ولا يحضر للأوثان عيدا ولا احتفالا فلم يكن شيء أبغض إليه منها وحتى أنه كان لا يصبر على سماع الحلف باللات والعزى 

كان صلى الله عليه وسلم ذو خلال  عذبة  وشمائل كريمة في قومه فكان أفضلهم مروءة وأحسنهم خلقا وأعزهم جوارا وأصدقهم حديثا وأعفهم نفسا وأبرهم عملا وآمنهم أمانة حتى سماه قومه "الأمين" وكان كما قالت عنه خديجة رضي الله عنها يحمل الكل ويكسب المعدوم ويقري الضيف ويعين على نوائب الحق 

في ظلال النبوة والرسالة

لما شارف سن النبي صلى الله عليه وسلم الأربعين عاما حبب إليه الخلاء فكان يأخذ السويق والماء ويذهب إلى غار حراء في جبل النور يقضي وقته في العبادة والتفكير فيما حوله من مشاهد الكون وهو غير مطمئن لما عليه قومه من عقيدة الشرك فكانت هذه العزلة طرفا من تدبير الله له ليعده لما هو قادم من الأمر العظيم ألا وهي الأمانة الكبرى وتغيير وجه الأرض بحمل الرسالة العظمى للبشرية 

فلما اكتمل له أربعون سنة -وقيل لها تبعث الرسل- بدأت تظهر عليه آثار النبوة ومنها الرؤيا  الصالحة في النوم فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح حتى مضت ستة أشهر ومدة النبوة ثلاث وعشرون سنة  فهذه الرؤيا جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة.

فلما كان رمضان من السنة الثالثة من عزلته بحراء شاء الله أن تفيض رحمته على الأرض وأهلها فأكرمه بالنبوة وأنزل إليه جبريل بآيات من القرآن بعد بسم الله الرحمن الرحيم (اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان مالم يعلم  ) من سورة العلق،  فكانت تلك الوقعة العظيمة بين النبي صلى الله عليه وسلم والملك جبريل عليه السلام  وهي قصة عظيمة معروفة  وما جرى فيها من أحداث جليلة كرجوع النبي صلى الله عليه وسلم إلى خديجة  رضي الله عنها  بعبارته الشهيرة "زملوني زملوني " وما دار بعدها في دار ورقة ابن نوفل ابن عم خديجة الذي  أقر بنبوة النبي محمد صلى الله عليه و سلم 

من هنا انطلق  الوحي وانطلقت به مراحل النبوة الكريمة التي غيرت مجرى الحياة وعدلت خط التاريخ وخمدت به ظلمات الجاهلية وسطعت أنوار الهدى على العالمين

فكانت بداية الدعوة إلى الله ،فبعد أن سكن ما كان في النبي الكريم صلى الله عليه و سلم من روع ، وزالت تعابير الدهشة والحيرة ، وبعد أن أيقن محمد صلى الله عليه و سلم أنه نبي الله الذي اصطفاه مبعوثا للعالمين وفهم مضمون الرسالة جاءه الأمر ببدأ الدعوة وانطلاق الكفاح  والجهاد في سبيل تبليغ الناس الأمانة الكبرى

يقسم عهد الدعوة المحمدية إلى دورين :

دور مكي : دامت مدته ثلاث عشرة سنة تقريبا ،يقسم بدوره إلى ثلاثة مراحل:

مرحلة الدعوة السرية ، ودامت ثلاث سنين

مرحلة إعلام الدعوة في أهل مكة ،وكانت من بداية السنة الرابعة من النبوة إلى أواخر السنة العاشرة 

ثم مرحلة الدعوة خارج مكة وكانت من أواخر السنة العاشرة للنبوة إلى هجرته صلى الله عليه و سلم إلى المدينة 

دور مدني : دام عشر سنوات كاملة 

فالدعوة في البداية انطلقت في مكة التي كانت مركز دين العرب وكانت سرية لئلا يفاجئ أهل مكة بما يهيجهم وقد عرض فيها الرسول صلى الله عليه و سلم الإسلام على ألصق الناس به وآل بيته وأصدقائه فأجابه من لم يشكوا في صدقه ومنهم زوجته خديجة بنت خويلد ،ومولاه زيد بن حارثة وابن عمه علي ابن أبي طالب وقد كان صبيا وصديقه الحميم  أبو بكر الصديق فكان هؤلاء أول من أسلم في أول أيام الدعوة 

ثم نشطت الدعوة فدخل نفر كثير من بطون قريش في الإسلام منهم عثمان بن عفان ،الزبير بن العوام ،وعبد الرحمن بن عوف ،وسعد ابن أبي وقاص وغيرهم كثير ممن كانوا من الرعيل الأول فهم السابقون الأولون الذين ظهرت بهم طليعة الإسلام فكان الرسول يجتمع بهم ويرشدهم إلى الدين متخفيا وكان الوحي يتتابع فكانت الآيات وقطع السور التي تنزل في ذاك الزمان قصيرة وكان من أوائل ما نزل من الأوامر الأمر بالصلاة ركعتين بالغداة وركعتين بالعشي

ثم جاءت مرحلة اعلام الدعوة  فبعد أن مرت ثلاث سنين على الدعوة السرية  تنزل الوحي يكلف رسول الله صلى الله عليه وسلم بمعالنة قومه ومجابهة باطلهم في قوله تعالى ( وأنذر عشيرتك الأقربين ) فدعا النبي في البداية بني هاشم  غير انهم رفضوا دعوته الا ان عمه ابا طالب تعهد له بالحماية 

ثم قام بعدها على جبل الصفا وجمع اليه بطون قريش ودعاهم الى التوحيد والايمان برسالته وباليوم الاخر فأعرضوا عنه ولم يزل رسول الله يذكرهم بالحقائق ويبين لهم البينات وانهم على ضلال حتى انفجرت مكة بمشاعر الغضب والاستنكار وارادوا صد الدعوة ومحاربة كل من آمن بمحمد وما جاء به فاتخذوا لذلك أساليب شتى منها 

السخرية والتحقير والاستهزاء والتكذيب والتضحيك

تشويه تعاليمه واثارة الشبهات ومعارضة القران باساطير الاولين وتشغيل الناس بها عنه

المساومة بترك بعض ما هم عليه 

ثم انتقل المشركون بعد ان استوفوا تلك الطرق المذكورة الى طريقة اكثر شرا وفتكا لكف الدعوة فقد اجتمع سادات قريش واتفقوا على اعلان الأذى لرسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه من المستضعفين فكانت مظاهر الاظطهاد كثيرة منها الشتم والضرب والاذى بالقول كموقف النبي صلى الله عليه وسلم مع امراة ابي لهب ومعاناة بلال بن رباح حين كان مولى امية بن خلف الجمحي قبل ان يشتريه ابو بكر الصديق رضي الله عنه ويعتقه وعمار ابن ياسر الذي قتل والداه امامه  وامثاله كثير من الصحابة الذين عانوا الويل عند اعلانهم اسلامهم 

فكان رسول الله يجهر بالدعوة ثم يجتمع بالمسلمين سرا لمصلحتهم وحتى لا يحول المشركون بينهم وبين الاسلام فكانت دار الارقم بن ابي الارقم المخزومي مركزا للدعوة بمعزل عن اعين الطغاة ومجالسهم 

لكن مع اشتداد الظلم والعذاب على المسلمين ونزول الوحي بسورة الكهف ثم المزمل جاء الامر بالهجرة الاولى فقد امر النبي صلى الله عليه المسلمين بان يهاجروا الى الحبشة فقد علم ان اصحمة النجاشي ملك الحبشة معروف بعدله وانه لا يظلم عنده احد فاستجاب المسلمون لذلك فرارا بدينهم من الفتن وكان ذلك في رجب من السنة الخامسة من النبوة في فوج مكون من اثني عشر رجلا واربعة نسوة منهم عثمان ابن عفان والسيدة رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم  

اما من بقي من المسلمين فقد اشتد عليهم البلاء وصعب عليهم الامر وبلغ مبلغا عظيما راى به رسول الله انه لا بد من هجرة اخرى فكانت الهجرة الثانية الى الحبشة وفيها ثلاثة وثمانون رجلا  وثمان عشرة وقيل تسع عشرة امراة وكانت هذه المرة اشق من سابقتها لولا تيسير الله عز وجل 

لكن عز على المشركين ان يجد المسلمون ملاذا امنا لدينهم ويعيشوا في سكينة فارسلوا عمرو بن العاص وعبد الله بن ابي ربيعة لمحاولة اثناء مل الحبشة عن رايه في تامين المسلمين  وتسليمهم وكانت الحادثة المشهورة مع ملك الحبشة الذي رفض تسليمهم 

ولما رات قريش ان محمدا بن عبد الله ماض في امره ناشدت ابا طالب ان يكلمه ليترك ما هو عليه فابى فاجتمع القوم وقرروا اعدامه وحاولوا لذلك مرات عدة لكن في كل مرة كانت تخيب ظنونهم وتفشل مخططاتهم خاصة وقد تقوى الاسلام بدخول حمزة بن عبد المطلب وعمر بن الخطاب  في الاسلام  وهما رجلان عظيمان في مكة ومحمد صلى الله عليه وسلم يرفض مساومتهم على دينه 

فاجتمع المشركون واقروا ميثاق الظلم والعدوان وتحالفوا على بني هاشم وبني المطلب  بان يقاطعوهم في كل شيء حتى يسلموا محمدا للقتل وعلقت صحيفة لميثاق في جوف الكعبة  فانحاز بنو هاشم وبنو المطلب مؤمنهم وكافرهم الا ابا لهب وحبسوا في شعب ابي طالب ليلة محرم  سنة سبع من البعثة وقد دام الحصار ثلاث سنين اشتدت فيه المحنة وقطعت المؤونة وبقي الامر كذلك الى ان نقضت الصحيفة وفك الميثاق بعد ان ارسلت عليها الارضة واكلتها 

فلما خرج رسول الله ومن معه من الشعب استمر ينشر دعوته والمشركون يصدونه كما اعتادوا ان يفعلوا بكل ما اوتوا من قوة وحيلة 

لكن بعد ستة أشهر من الخروج وفي شهر رجب من السنة العاشرة للنبوة ألح المرض بعم النبي صلى الله عليه وسلم  أبي طالب ووافته المنية وانهار الحصن الذي كان يحتمي به رسول الله من هجمات المشركين والسفهاء ، وبعده بنحو شهرين إلى ثلاثة، توفيت السيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها سند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكانت وفاتها في شهر رمضان، ولها خمس وستون سنة ورسول الله صلى الله عليه و سلم آنذاك في الخمسين من عمره.

لقد كانت السيدة خديجة نعمة عظيمة من الله تعالى على رسول الله فقد ساندته وآزرته في أحرج أوقاته ،وأعانته على إبلاغ رسالته وواسته بنفسها ومالها ، يقول رسول الله صلى الله عليه و سلم(( آمنت بي حين كفر بي الناس وصدقتني حين كذبني الناس واشركتني في مالها حين حرمني الناس ورزقني الله ولدها  وحرم ولد غيرها  ))

اهتزت بهاتان الحادثتان المؤلمتان مشاعر الحزن والألم في قلب  النبي صلى الله عليه وسلم  ثم توالت عليه المصائب من قومه واشتدت وطأة أهل مكة عليه وعلى أصحابه  ونالوا من رسول الله من الأذى ما لم يطمعوا به في حياة أبي طالب  ولأجل توالي هذه الأيام السوداء على النبي الكريم سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم بعام الحزن  وصار معروفا في التاريخ بهذا اللقب 

وفي شوال من السنة العاشرة للنبوة تزوج رسول الله من السيدة سودة بنت زمعة وكانت من المسلمات قديما ومن المهاجرات في الهجرة الثانية الى الحبشة هي وزوجها السكران بن عمرو  الذي توفي بارض الحبشة  فلما حلت بمكة خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم وتزوجها فكانت اول امراة تزوجها بعد وفاة خديجة 

لما اشتد الضيق بالنبي صلى الله عليه وسلم  وزاد اضدهاد قومه له ومن معه خرج النبي صلى الله عليه وسلم الى الطائف وهي تبعد عن مكة  نحو ستين ميلا سارها ماشيا على قدميه جيئة وذهوبا ومعه مولاه زيد بن حارثة  فكان كلما مر على قبيلة في الطريق دعاهم الى الاسلام  فلم تجبه اي واحدة منهم فلما انتهى الى الطائف التمس من ساداتها النصرة  والعون وأقام بين أهلها عشرة أيام  لكنهم قابلوه بالرفض والايذاء  فسبوه وشتموه بل وطردوه وجعلوا يرمون عليه بالحجارة والكلام السفيه  حتى اختضب نعلاه بالدماء فخرج من عندهم مكسور الخاطر كئيبا محزونا 

 وفي طريقه الى مكة وفي مكان يدعى قرن المنازل بعث الله اليه جبريل عليه السلام ومعه ملك الجبال يستأمره أن يطبق الأخشبين على أهل مكة  والأخشبان هما جبلان في مكة أبو قبيس و قعيقعان  فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك وقال ( بل أرجو أن يخرج الله عز وجل من أصلابهم من يعبد الله عزوجل وحده لا يشرك به شيئا ) مما يبين شخصية رسول الله صلى الله عليه وسلم الفذة وماكان عليه من الخلق العظيم 

ولما  امده الله بنصره من فوق سبع سماوات انقشعت سحابة الكآبة واليأس التي غمرت النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن طرده أهل الطائف فعزم على العودة الى مكة واتمام ما بداه من الدعوة وعرض الإسلام وإبلاغ رسالة الله الخالدة 

فاستمر رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو القبائل والأفراد إلى دين الله تعالى من داخل مكة وخارجها من السنة العاشرة إلى السنة الحادية عشر من النبوة ، أين كان فيها موسم الحج، حيث اجتمع الناس بمكة من كل مكان فاستغل رسول الله هذه الظروف لينشر دعوته بين الناس ومنهم أهل يثرب أين أسلم منهم ستة، وهم نفر من شباب يثرب كلهم من الخزرج  ،   نهار فأعلموا وكانوا من عقلاء  يثرب صلى الله   فواعدوا رسول الله على ابلاغ رسالته حال عودتهم الى الديار كما أن  هذه السنة  تميزت بحدث مميز وهو زواج النبي بالسيدة عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما 

وبينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه المرحلة  من الدعوة وقعت حادثة الاسراء والمعراج وقد اختلف في زمان وقوعها على اقوال كثيرة  وهي حادثة تهيء بها النبي صلى الله عليه وسلم لما هو قادم فقد اسري به من المسجد الحرام الى المسجد الاقصى  وبيت المقدس  راكبا على البراق ثم عرج به من بيت المقدس الى السماء اين  راى فيها علامات وامورا عظيمة  عيانا من جنة ونار ونعيم وعذاب والتقى  الانبياء والمرسلين  وغيرها من الغيبيات ما زاده يقينا بصدق رسالته فكان الاسراء والمعراج احد اعظم المعجزات التي عاشها النبي صلى الله عليه وسلم و التي كانت بالروح والجسد معا وليس بالروح فقط

وقد اخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم قومه بهذه الحادثة وما وقع له فيها فما زادهم ذلك الا تكذيبا له و ظلما ونفورا وتضييقا على المسلمين 

في العام الثاني عشر من النبوة وقعت بيعة العقبة الاولى

فبعد أن دعا رسول الله صلى الله عليه و سلم رهطا من المدينة إلى الإسلام كما سبق ذكرهم عادوا بهذه الدعوة إلى المدينة وعزموا على نشرها في قومهم وبذلك بدأ الإسلام  الإنتشار في يثرب 

   و بعد ان وصل موسم الحج من السنة  الثانية عشر  جاء فيه  من بين الوفود القادمة اثنا عشر رجلا منهم خمسة من الستة الذين كانوا قد واعدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في العام السابق، وتخلف السادس فيهم ، وسبعة سواهم، اثنان من الأوس والباقي من الخزرج، التقوا برسول الله صلى الله عليه وسلم وبايعوه عند العقبة بمنى ومما كان في البيعة  هو أن لا يشركوا بالله شيئا ،وأن لا يسرقوا ولا يزنوا ، ولا يقتلوا أولادهم  وغيرها من الشروط والأحكام  التي بايعوا رسول الله عليها 

بعد أن تمت البيعة و انتهى موسم الحج بعث النبي صلى الله عليه وسلم مع الوفد الذي بايعه أول سفير في يثرب شابا من شباب الإسلام  من السابقين الأولين وهو مصعب بن عميرالعبدري رضي الله عنه  وذلك ليعلم المسلمين شرائع الإسلام ويفقههم في الدين وليقوم كذلك بنشر الإسلام بين من يزالون على الشرك  فنزل مصعب بن عمير على أسعد بن زرارة و أخذ الإثنان يبثان الإسلام في أهل يثرب بحماس واجتهاد كبيرين حتى لم تبق دار من دور الأنصار إلا وفيها من أسلم من الرجال والنساء على سواء  وكان مصعب يعرف بالمقرئ  

وقبل حلول موسم الحج القادم من السنة الثالثة عشر عاد مصعب رضي الله عنه إلى مكة  يحمل معه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بشائر الفوز  ويقص عليه من أخبار يثرب وقبائلها وما وجد فيها من الخير 

بيعة العقبة الثانية 

في موسم الحج من السنة الثالثة عشر من النبوة  حضر لأداء مناسك الحج بضع وسبعون نفسا من المسلمين من أهل يثرب مع من جاء الى مكة من المشركين وهم عازمون على أن يقفوا إلى جانب رسول الله صلى الله عليه وسلم ويمنعوا عنه الخوف والظلم 

فحين وصلوا الى مكة قاموا باتصالات سرية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم  واتفقوا على  أن يجتمعوا في ظلام الليل في السر  في أوسط أيام التشريق في الشعب التي عند العقبة حيث الجمرة الأولى من منى وهم ثلاثة وسبعون رجلا وامرأتان  نسيبة بنت كعب (أم عمارة) وأسماء بنت عمرو (أم منيع)

فكان هذا الاجتماع التاريخي الذي يعرف ببيعة العقبة الكبرى  الذي عقده أهل يثرب مع رسول الله  وقد حضر معه عمه العباس بن عبد المطلب وهو لا يزال على دين قومه فتشاوروا فيما بينهم وبينوا بنود التحالف الديني والعسكري وأكدوا خطورة المسؤولية التي ستلقى على كواهلهم نتيجة ذلك 

فكان مما اتفق عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم مع مسلمي يثرب أن يبايعوه على السمع والطاعة  وعلى النفقة في العسر واليسر  وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعلى الوقوف مع الحق والجهاد فيه ولا تأخذهم في الله  لومة لائم  وعلى نصرته حين يأتيهم مهاجرا إليهم وأن يمنعوه مما يمنعون أنفسهم وأزواجهم وأبناءهم ولهم  بذلك الجنة  

وتم عقد البعة وتأكيدها حيث بين القوم مدى استعدادهم للتضحية في هذا السبيل الذي اختاروه  فطلب منهم الرسول عليه الصلاة والسلام إنتخاب اثني عشر زعيما منهم يكونون نقباء على قومهم يكفلون المسؤولية عنهم في تنفيذ بنود البيعة وهم تسعة من الخزرج وثلاثة من الأوس ثم أحذ منهم النبي ميثاقا آخر بصفتهم رؤساء  مسؤولين  فكانت بذلك بيعة العقبة الثانية التي كانت في جو ساده الحب والعطف والتناصر 

ولم تكتسف قريش تلك العهدة إلا بعد أن فات أوانها فما كان لها من حيلة أو خطة تتبعها 

طلائع الهجرة 

بعد أن تمت بيعة العقبة الثانية ونجح المسلمون والإسلام في إيجاد موطن في أرض الشرك والكفر فكان أكبر مكسب للإسلام منذ بدايته جاء الإذن من النبي صلى الله عليه وسلم للمؤمنين  بالهجرة إلى هذا الوطن والالتحاق باخوانهم من الانصار 

بدأ المسلمون في الهجرة تاركين وراءهم مصالحهم وأموالهم وديارهم في سبيل دينهم  وأخذ المشركون يحولون بينهم وبين خروجهم بعد أن أحسوا بالخطر الذي يهدد كيانهم وشركهم فافتعلوا المواقف الشنيعة وجاروا بقوتهم على الضعفاء من المسلمين ولكل مسلم يريد الهجرة  في كل فرصة تأتيهم أو موقف يسنح لهم 

لكن مع كل ذلك خرج الناس مجموعات وأرسالا يتبع بعضهم بعضا وبعد شهرين وبضعة أيام من بيعة العقبة الكبرى لم يبق بمكة من المسلمين الا رسول الله صلى الله عليه وسلم وابو بكر الصديق وعلي بن ابي طالب رضي الله عنهما بامر من رسول الله صلى الله عليه وسلم لهما حتى ياذن الله له بالهجرة كذلك 

ولما احست قريش واسيادها بالخطر المحدق من وراء هجرة المسلمين الى يثرب وتمركز الدعوة الاسلامية فيها صاروا يبحثون عن انجع الوسائل لدفع هذا الخطر الذي كان مبعثه الوحيد هو حامل الرسالة ولواء الدعوة محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم 

فبعد شهرين ونصف تقريبا من البيعة الثانية عقد برلمان مكة (دار الندوة ) في اوائل النهار في اخطر اجتماع حضره جميع نواب القبائل القرشية ليتدارسوا خطة حاسمة تكفي للقضاء وبشكل سريع  على محمد رسول الله وبالتالي القضاء على دعوته وقطع تيار نورها نهائيا وابرزهم كان ابو جهل وشيبة وعتبة ابنا ربيعة  وابو سفيان بن حرب وامية بن خلف وغيرهم  حيث اجتمعوا واتفقوا على قتل النبي صلى الله عليه وسلم بان يجمعوا فتيانا من كل القبائل ليعمدوا بسيوفهم الى النبي صلى الله عليه وسلم  فيقتلوه وهو في مضجعه ليلا ويتخلصوا منه 

لكن الله خيب امرهم فبعد اتخاذهم القرار الغاشم نزل جبريل الى النبي صلى الله عليه وسلم بالوحي واخبره بمؤامرة قريش وان الله قد اذن له في الخروج واخبره ان لا يبيت في فراشه المعتاد فاتى ابا بكر واتفق معه على خطة الهجرة  فكان خروجهما في ليلة السابع والعشرين من شهر صفر من السنة الرابعة عشر من النبوة  وقد خرجا من الباب الخلفي لدار ابي بكر الصديق وبقي علي رضي الله عنه مكان رسول الله نائما في فراشه لكي يفسد خطة قريش في قتله  وبالفعل لما اصبحوا علموا بخروج رسول الله صلى الله عليه وسلم دون ان ينتبهوا له وفشل مخططهم 

وقد سلك رسول الله وصاحبه  بدل الطريق الرئيسي  شمالا  الطريق الواقع جنوب مكة وكان صعب المسلك وعر التضاريس حتى انتهيا الى جبل عرف في التاريخ بجبل ثور وفيه غار هو غار ثور  كمنا فيه ثلاث ليال فكان عبد الله بن ابي بكر ياتيهما ليلا باخبار مكة وما يكيده اهل قريش لهما ثم يبيت عندهما ويصبح مع قريش وتولى عامر بن فهيرة مولى ابي بكر رعاية الغنم  نهارا ثم يريحها عليهما ليلا وكانت اسماء بنت ابي بكر تاتيهما بالطعام وحدث ان شقت نطاقها باثنين لتعلق لهما السفرة فسميت ذات النطاقين 

و  كان جنون قريش قد اشتد في تلك الليالي ولم تبق وسيلة ولا فكرة الا وفعلوها بغية القبض على الرجلين وكانوا قد اعلنوا عن مكافاة كبيرة قدرها مائة ناقة  لمن ياتيهم  بالرجلين حيين او ميتين لكن  دون جدوى حتى ان المطاردين والمقتفين للاثر وصلوا الى باب الغار ولكن الله غالب على امره فكفلهم بعنايته الالهية وحماهم من بطش قريش  

وحين خمدت الجموع وتوقفت دوريات البحث عن النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه  تجهزا للخروج الى المدينة واتمام المسيرة وقد ارتحل معهم عامر بن فهيرة واخذ بهم الدليل الذي كانا قد استاجراه قبل خروجهما  عبد الله بن اريقط الليثي يشق بهم الطريق الى يثرب على راحلتين ومكث علي بن ابي طالب بمكة ثلاثا حتى ادى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الامانات والودائع التي  كانت عنده للناس ثم لحقهما ماشيا 

وفي طريقهم الى المدينة اعترضتهم الكثير من المواقف والاحداث ومنها ان النبي صلى الله عليه وسلم  لقي أبا بريدة وهو رئيس قومه خرج في طلب النبي صلى الله عليه وسلم وابي بكر بغية المكافاة فلما واجه رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلمه اسلم مكانه مع سبعين رجلا من قومه ثم نزع عمامته وعقدها برمحه فاتخذها راية تعلن بان ملك الامن والسلام قد جاء 

كما لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم الزبير مع ركب من المسلمين كانوا تجارا قافلين من الشام فكسا الزبير رسول الله صلى الله عليه وسلم وابا بكر ثيابا بيضاء 

الوصول الى المدينة 

حين سمع المسلمون بالمدينة بخبر خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة صاروا يغدون كل غداة الى الحرة فينتظرونه حتى يردهم  حر الظهيرة  فرجعوا يوما بعد ان طال انتظارهم  فلما آووا الى بيوتهم  خرج رجل من يهود المدينة لامر ينظر اليه فبصر برسول الله صلى الله عليه وسلم واصحابه  من بعيد  فلم يمل ان قال باعلى صوته يا معاشر العرب هذا جدكم الذي تنظرون فثار المسلمون الى السلاح  وسمع التكبيرفي بني عمرو بن عوف  فرحا بقدوم النبي وصحبه فتلقوه وحيوه بتحية النبوة فاحدقوا به مطيفين حوله حتى نزل بهم 
نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بقباء في يوم الاثنين من شهر ربيع الاول من السنة الرابعة عشر من النبوة وهي السنة الاولى من الهجرة وكانت المدينة كلها قد زحفت لاستقبال النبي صلى الله عليه وسلم وكان يوما مشهودا لم تشهد المدينة مثله من قبل في تاريخها 
ونزل رسول الله بقباء واقام هناك اربعة ايام  وكان علي بن ابي طالب قد لحقهم الى هناك  ثم اسس الرسول صلى الله عليه وسلم في تلك الايام التي اقامها هناك اول مسجد في الاسلام هو  مسجد قباء وصلى فيه فلما كان اليوم الخامس  وهو يوم الجمعة ركب هو واصحابه ومن معه وساروا الى يثرب  وصلوا الجمعة جماعة في مسجد في  بطن الوادي   ثم اكملوا السير ودخلوا يثرب ومن ذلك اليوم سميت بلدة يثرب بمدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم او المدينة المنورة مختصرا وكان يوما عظيما فقد كانت البيوت ترتج باصوات التكبير والتحميد والتقديس وكانت بنات الانصار تتغنى فرحا وسرورا بابيات  تعرف اليوم  بطلع البدر علينا 
لم يكن الانصار اصحاب ثروات طائلة لكن كل واحد منهم كان يتمنى نزول الرسول عنده فكان لا يمر بدار الا اخذوا خطام راحلته فكان يقول لهم خلوا سبيلها فانها مامورة فلم تزل سائرة به حتى وصلت الى موضع المسجد النبوي اليوم فبركت فنزل عنها وذلك في بني النجار -اخواله- وهو من توفيق الله لها اكراما لاخوال النبي صلى الله عليه وسلم ونزل النبي عند بيت ابو ايوب الانصاري واقام عنده 
وبعد ايام وصلت اليه زوجته سودة وبنتاه فاطمة وام كلثوم واسامة بن زيد وام ايمن وخرج معهم عبد الله بن ابي بكر بعيال ابي بكر ومنهم عائشة وبقيت زينب عند ابي العاص لم يمكنها من الخروج حتى هاجرت بعد بدر 

الى هنا انتهى قسم من حياة النبي صلى الله عليه وسلم وهو ما كان في مكة وانتقلت الدعوة الاسلامية الى مرحلة جديدة تمثلت في العهد المدني فلم يكن معنى الهجرة هو التخلص من الفتنة والاستهزاء والظلم  الذي عاشه المسلمون بل كانت تعاونا على اقامة مجتمع جديد في بلد امن يكون فيه الرسول صلى الله عليه وسلم هو الامام والقائد والمربي والهادي في بناء هذا المجتمع  

الحياة في المدينة المنورة 

مرت الدعوة في العهد المدني بثلاث مراحل 
-مرحلة بناء المجتمع الاسلامي ومجابهة الفتن والعراقيل الداخلية والخارجية  وانتهت مع صلح الحديبية في السنة السادسة من الهجرة 
- مرحلة الهدنة والصلح ودعوة الملوك الى الاسلام وانتهت بفتح مكة في السنة الثامنة من الهجرة 
- مرحلة دخول الناس الى الاسلام افواجا وتوافد القبائل والاقوام الى المدينة وتمتد الى غاية انتهاء حياة الرسول صلى الله عليه وسلم سنة احدى عشر من الهجرة 

  حالة اهل المدينة حين الهجرة

لقد واجه رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد هجرته الى المدينة المنورة  كثيرا من الناس  اختلفوا على ثلاثة اصناف 

الصحابة  وقد امتلك المسلمون امرهم في المدينة على خلاف الحال الذي كانوا عليه بمكة حيث لم يكن لهم من الامر شيء بل كان بيد اعدائهم في الدين  فصاروا في المدينة  اسياد رايهم فاهتموا بالحضارة والعمران والاقتصاد والمعيشة وتسيير الحكم والسياسة وكذا السلم والحرب وغيرها من امور الحياة  وكانوا على قسمين وهم الانصار وهم مالكوا الارض واصحاب المال والمهاجرون الذين لا مال ولا ماوى لهم 
المشركون وكانوا من صميم قبائل المدينة لذا لم تكن لهم سيطرة على المسلمين ولم يظهروا عداوة او كيدا ضد الاسلام ولم يمض عليهم زمن حتى اسلموا  لن كان من بينهم من ادعى الاسلام وهو مبطن للكفر والعداوة 
اليهود  واصلهم عبراني واصطبغوا بالصبغة العربية بعد انسحابهم الى الحجاز وظهر ذلك في اسماء قبائلهم وافرادهم التي كانت عربية لكنهم تحفظوا على جنسيتهم وافتخروا بها ولم يندمجوا مع العرب بل احتقروهم واعتبروهم اميين ووحوش سذج يستبيحون اموالهم كيفما شاؤوا لم يهتموا بنشر ديانتهم اكثر من اهتمامهم بالسحر والنفث والرقية فكانوا يرون بذلك انهم اصحاب علم وفضل روحاني 
كما كانت في ايديهم تجارة الحبوب والتمور والخمروالثياب وعرفوا باكلهم الربا ولم يقتصروا على ذلك بل كانوا اصحاب دسائس ومؤامرات وفساد ينشرون العداوة والشحناء بين القبائل العربية  لتنشب بينهم الحروب  وكانت لهم في يثرب ثلاث قبائل مشهورة وهي بنو قينقاع وكانوا حلفاء الخزرج  وبنو النضير وبنو قريضة  كانتا حلفاء الاوس وهذه القبائل هي التي كانت تثير الحرب بين الاوس والخزرج 
فاليهود لم ينظروا الى الاسلام الا بعين الكره والحقد فالرسول لم يكن من جنسهم ودعوة الاسلام لم تعجبهم فهي دعوة صالحة تدعو الى كل ما هو خير وتؤلف بين الناس ولا تفرقهم عكس ما يفعلون وبذلك يتضرر حكمهم ونشاطهم 
هذا كان حال اهل المدينة من الاخل اما خارجيا فقد كان الاسلام في مواجهة قوة شديدة تمثلت في قريش التي لم تكتفي بما فعلته بالمسلمين حين كانوا معها من ظلم وتعذيب نفسي وبدني ولم يكفها مصادرة اراضي المسلمين بعد هجرتهم ومنعهم عن اهلهم وذرياتهم وتامرها على قتل النبي فلما نجا المسلمون الى ارض بعيدة سخرت جهدها السياسي ومكانتها الدنيوية وزعامتها بين اوساط العرب لشن حملة اغرت فيها غيرها من مشركي الجزيرة ضد اهل المدينة  التي صارت في شبه مقاطعة تامة فقد قلت مستورداتها مع زيادة عدد اللاجئين
فكان حريا بالنبي صلى الله عليه وسلم ان يواجه كل هذه القضايا والمشاكل في المدينة بصفته القائد والرسول والامام لهذه الامة 

المرحلة الاولى و بناء مجتمع جديد 

بناء المسجد النبوي 

اول خطوة خطاها النبي صلى الله عليه وسلم حين انطلق في بناء مجتمع اسلامي هو بناء المسجد النبوي وكان مكانه في موضع بروك الناقة التي قد هاجر عليها وقد اشترى ذلك المكان من غلامين يتيمين كانا يملكانه  وقد ساهم في بناءه بنفسه وبنى بيوتا الى جانبه جعل منها حجرات لازواجه 
فلم يكن المسجد موضعا للصلاة فقط بل كان جامعة يتلقى فيها المسلمون تعاليم الاسلام وتوجيهاته وتتالف فيه القبائل المختلفة وقاعدة لادارة الشؤون والاحوال وبرلمانا لعقد المجالس وابداء الاراء كما كان مسكنا لفقراء المهاجرين الذين لم يملكوا دارا ولا مالا ولا ولدا 
ثم شرع فيه الاذان خمس مرات في اليوم والليلة 

المؤاخاة بين المسلمين 

اضافة الى اقامة المسجد النبوي كمركز للتجمع بالنسبة للمسلمين اخى النبي صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والانصار كواحد من انبل الاعمال التي بقيت على مر التاريخ  وحدث ذلك في دار انس بن مالك وكانوا تسعين رجلا نصفهم من المهاجرين والنصف الاخر من الانصار   تاخوا على المساواة وان تذوب بينهم عصبية الجاهلية وتسقط فوارق النسب واللون والوطن فلا تقدم بينهم على بعضهم الا بالتقوى ولا حمية الا للاسلام وقد جعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم عقدا نافذا وعملا مرتبطا بالدم والمال وليس لفظا فارغا او ثرثرة السن 
لقد كانت هذه المؤاخاة دليلا قاطعا على ما  ظهر من الانصار من التضحية والايثار والود ومن الحفاوة البالغة لاخوانهم المهاجرين الذين قدروا هذا الكرم وعرفوا قيمته فلم يستغلوه الا بقدر حاجتهم 
كما بين هذا العمل السياسة الرشيدة والحكمة البالغة التي كانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم لحل كثير من المشاكل التي كان يواجهها المسلمون 
كما وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم معاهدة على شكل ميثاق للتحالف الاسلامي وضع فيها بنودا ازاح بها النزاعات القبلية وتقاليد الجاهلية وبين  قواعدها التي سيرسى بها المجتمع الاسلامي الجديد
الى جانب هذا كان النبي يتعهد اصحابه المسلمين بالتعليم والتربية ويؤدبهم بالود والاخاء والشرف والعبادة والطاعة  ومكارم الاخلاق  
بمثل ذلك استطاع رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يبني في المدينة احسن واشرف مجتمع عرفه التاريخ متكامل العناصر قادرا على مواجهة كل تيار عبر الزمن ليحول مجرى التاريخ والايام 

معاهدة اليهود 

بعد ان وضع النبي صلى الله عليه وسلم قواعدا لرسوخ المجتمع الاسلامي راى ان يقوم بتنظيم علاقاته بغير المسلمين بهدف توفير الامن والخير للناس اجمعين وجعل المنطقة في وفاق واحد  في ظل عالم متعصب 
وبحكم وجود اليهود في اقرب مكان مجاور للمدينة  وحتى وان كانوا يبطنون العداوة للمسلمين الا انهم لم يظهروا الخصومة للعلن لذلك عقد معهم النبي صلى الله عليه وسلم معاهدة ترك لهم فيها حرية التصرف في الدين والمال بعيدا عن الخصام او المصادرة في بنود مشابهة لتلك التي وضعت مع المسلمين انفسهم 
فبابرام هذه المعاهدة صارت مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم دولة وفاقية عاصمتها المدينة وحاكمها النبي صلى الله عليه وسلم وكلمتها وسلطانها الغالب للمسلمين فكانت عاصمة حقيقية للمسلمين

الكفاح الدامي والاذن بالقتال 

بعد كل ما كان ياتي من مشركي قريش من التنكيل بالمسلمين ومحاربتهم وما فعلوه بهم عند الهجرة الا انهم لم يستكينوا ولم تنطفئ نار الحقد والظغينة التي كانوا يكمنونها للمسلمين بل ازدادوا غلا وعدوانا 
ختى انهم خاولو مرارا وتكرارا التواصل مع مشركي المدينة من اجل ايقاظ الفتنة واشعال نار الحرب على المسلمين الا ان النبي صلى الله عليه وسلم بفطنته وحكمته استطاع مجابهة خططهم وابطال عزيمتهم في ذلك 
لقد كانت قريش ترسل للمسلمين باشارات التهديد في كل حين وتخبرهم بان لا يغرهم ايجادهم لموطن ياويهم  وتشهر تمردها ووعيدها بل تعدى امرها الى المكائد والدسائس  وبسبب الخطر الذي كان محدقا بالنبي صلى الله عليه وسلم واصحابه فقد كانوا لا يبيون الا بسلاح ولا يصبحون الا به 
ومع هذه الظروف الخطيرة التي كانت تهدد كيان المسلمين في المدينة  انزل الله تعالى الاذن بالقتال للمسلمين ولم يفرضه عليهم  قال تعالى (اذن للذين يقاتلون بانهم ظلموا وان الله على نصرهم لقدير )الحج 39
بعد نزول هذا الإذن رأى النبي صلى الله عليه وسلم أنه من الحكمة بسط السيارة على الطريق التجارية  لقريش من مكة إلى الشام  ووضع لذلك خطتين:
أولها عقد المعاهدات و التحالفات مع القبائل المجاورة لهذا الطريق
ثانيها إرسال البعوث متتالية إلى هذا الطريق 
وبذلك ابتدا النشاط العسكري للمسلمين

الغزوات والسرايا واهم الوقائع العسكرية للمسلمين

سمى المؤرخون اسم الغزوة على كل وقعة خرج فيها النبي صلى الله عليه وسلم بنفسه سواء حارب فيها أم لم يحارب
أما  ما خرج فيها أحد قادته فقد سمي بالسرية 

1/ سرية سيف البحر: في السنة 1ه  لم يتم فيها القتال بين المسلمين وقريش وكان عليها حمزة بن عبد المطلب
2/ سرية رابغ : في السنة 1ه لم يقع فيها قتال  بل تراموا بالنبل فقط وكان عليها عبيدة بن الحارث
3/  سرية الخرار: في السنة 1ه  لم يقع فيها قتال وقد اوكلت لسعد بن أبي وقاص 
4/ غزوة الأبواء أو ودان : في السنة 2ه لم يقع فيها قتال ،وقد خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها بنفسه بعد أن استخلف في المدينة سعد بن عبادة  وعقد فيها معاهدة حلف مع عمرو بن مخشى الضمري وهي أول غزوة النبي 
5/ غزوة بواط: في السنة 2ه  خرج فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يتم فيها القتال واستخلف عليه سعد بن معاذ في المدينة
6/ غزوة سفوان أو غزوة بدر الأولى : في السنة 2 ه  خرج فيها النبي صلى الله عليه وسلم لمطاردة كرز بن جابر الفهري الذي أغار على مراعي المدينة لكن لم يقع فيها قتال وكان قد استخلف  زيد بن حارثة على المدينة 
7/ غزوة ذي العشيرة في السنة 2ه  لم يقع فيها قتال وقد كانت احداثها تمهيدا لغزوة بدر الكبرى ،عقد الرسول فيها معاهدة عدم اعتداء مع بني مدلج وحلفائهم واستخلف في المدينة أبا سلمة بن عبد الأسد المخزومي 
8/ سرية نخلة : في السنة 2 ه بعث فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن جحش الأسدي ، وكان فيها أول أسيرين في الإسلام ،و استنكر فيها رسول الله على أصحابه القتال في الشهر الحرام ،وكانت سببا في اشتعال الضجة وإثارة الريبة  في سيرة المقاتلين المسلمين حتى حسم في أمرها القرآن ونزل الوحي 

كانت هذه السرايا والغزوات قبل بدر ،تبين فيها للمشركين أنهم في خطر دائم وهم مهددون باستمرار من طرف المسلمين فزاد حقدهم عليهم وزادت الضغينة والكره لهم 

أما عن المسلمين فقد فرض الله لهم القتال وبين لهم طريقته وأنزل في ذلك آيات بينات ،فزاد بذلك نشاطهم واشتدت نزعتهم للجهاد، خاصة بعد أن أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بتحويل القبلة من بيت المقدس إلى المسجد الحرام فليس من المنطق أن تبقى قبلة المسلمين بيد أعدائهم فلا بد من تخليصها والجهاد في سبيل تحقيق دور جديد في حياة المسلمين


غزوة بدر الكبرى: وهي أول لقاء مسلح بين المسلمين والمشركين انتصر فيها المسلمين وقد وقعت في السنة الثانية 2 من الهجرة  اما المسلمون فقد قادهم  النبي صلى الله عليه وسلم بنفسه في هذه الغزوة واما المشركون فقادهم عمرو بن هشام المخزومي القرشي ممثلا عن قريش ومن حالفها من العرب الذين جاؤوا لقتال المسلمين وكان سبب الغزوة هو قافلة لقريش كان يقودها ابو سفيان بن حرب قادمة من الشام الى مكة حيث حاول المسلمون اعتراضها لكنها تمكنت من الفرار وارسلت الى قريش طالبة عونهم على المسلمين  فاجتمعت ومن معها من العرب وتمت الوقعة  في منطقة بدر بين مكة والمدينة وانتهت بانتصار المسلمين رغم قلة عددهم وعتادهم  وفقد فيها المشركون كثيرا من كبار قادتهم ورجالهم الاشداء وخيرة فرسانهم وكبرت  بذلك هيبة المسلمين عند جميع القبائل واصبح للمسلمين مصدر جديد للدخل وهو غنائم المعارك وهو ما عاد عليهم  بالنفع من الناحية الاقتصادية والمادية وكذا المعنوية 
غزوة بني سليم 
كانت هذه الغزوة في السنة 2 ه بعد الرجوع من بدر بسبعة ايام حيث كانت قبائل  بني سليم تتجهز وتحشد قواتها للغزو على المدينة فبلغ ذلك الى النبي صلى الله عليه وسلم فباغتهم في عقر دارهم  وقد اقام هناك ثلاثة ايام بعد فرار بني سليم وتركهم الوادي اما في المدينة فقد استخلف النبي صلى الله عليه وسلم سباع سباع بن عرفطة و قيل ابن ام مكتوم
محاولة اغتيال  النبي صلى الله عليه وسلم 
فقد دبر المشركون بعد الهزيمة الذريعة التي تلقوها في بدر مؤامرة خسيئة حاولوا فيها قتل النبي صلى الله عليه وسلم بأن ارسلوا اليه واحدا من شياطين قريش  ممن كانوا يؤذون النبي واصحابه وهم في مكة وهو عمير بن وهب الجمحي حيث انطلق بسيفه الى المدينة راجيا قتل النبي لكن حكمة الله ابت ذلك حيث علم النبي صلى الله عليه وسلم بامره بعد نزل عليه الوحي وكانت هذه الحادثة سببا في اسلام عمير وتحوله من عدو للاسلام الى مسلم يدعو الناس في مكة الى دين الحق 
غزوة بني قينقاع
لقد عقد النبي صلى الله عليه وسلم معاهدته مع اليهود وقد حرص اشد الحرص على تنفيذ ما جاء فيها من بنود لكن الطرف الاخر وهم اليهود لم يلبثوا ان باشروا مؤامراتهم ومحاولاتهم في اثارة القلق والاضطراب في صفوف المسلمين ولم يكفوا عن اقامة العراقيل وبث الدعايات الكاذبة وتضييق سبل المعيشة على كل مؤمن كلما سنحت لهم الفرصة بذلك وقد صبر رسول الله صلى اللهعليه وسلم والمسلمون معه على رغم المعاهدة حرصا على بسط الامن في المنطقة 
وبعد انتصار المسلمين في معركة بدر وقد زادت عزتهم وهيبتهم في اقطار الارض ازداد حقد اليهود على المسلمين وجاهروا في شرهم وعداوتهم  وكان من شرارهم كعب بن الاشرف ومن اشر طوائفهم يهود بني قينقاع وهم اشجع يهود المدينة واول من نكث العهد والميثاق باثارتهم الشغب وتحديهم للمسلمين  ومواجهتهم بالاذى لهم رجالا ونساءا ومن ذلك تعرضهم لامراة من العرب بالسوء  ثم قتلهم للرجل المسلم الذي دافع عنها فكانت تلك الحادثة القطرة التي افاضت الكاس وشبت نار الشر بين المسلمين واليهود 
فقرر النبي صلى الله عليه وسلم القدوم عليهم واستخلف على المدينة ابا لبابة بن عبد المنذر وحمل حمزة بن عبد المطلب لواء المسلمين فحاصروهم اشد الحصار دام خمس عشر ليلة حتى استسلموا وخضعوا لامره وحكمه في رقابهم واموالهم ونسائهم واولادهم وطلب عبد الله بن ابي بن سلول العفو لهم فوهبهم رسول الله العفو وامرهم بالخروج من المدينة فخرجوا الى اذرعات الشام لبثوا فيها وقبض النبي منهم اموالهم وجمع محمد بن مسلمة غنائمهم  وقد وقعت هذه الغزوة في السنة 2 ه بعد اقل من شهر على موقعة الفرقان 
غزوة السويق
وقعت في السنة 2ه  بعد غزوة بدر بنحو شهرين حيث خرج فيها ابو سفيان مع مائتي راكب يريد غزو المسلمين ليحفظ مكانة قومه ويبرز قوتهم  فحين وصل اغار مع اصحابه على ناحية من المدينة فقطعوا واحرقوا اسوارا من النخيل وقتلوا رجلين من الانصار ثم فروا راجعين الى مكة لكن الخبر بلغ الى النبي صلى الله عليه وسلم فاستخلف على المدينة ابا لبابة بن عبد المنذر وسارع لمطاردة ابا سفيان واصحابه لكنهم فروا بعد ان تركوا سويقا كثيرا من تمويناتهم فحمل المسلمون ما تركه الكفار ثم رجعوا الى المدينة 
غزوة ذي امر 
وهي اكبر حملة عسكرية قادها النبي صلى الله عليه وسلم قبل معركة احد وكانت في الشهر الاول من السنة 3 ه  فقد جاءت الاخبار الى النبي صل الله عليه وسلم في المدينة بان عددا كبيرا من بني ثعلبة ومحارب قد تجمعوا يريدون الاغارة على اطراف  المدينة فخرج النبي صلى الله عليه وسلم مع المقاتلين من المسلمين بعد ان استخلف في المدينة عثمان بن عفان 
وفي طريقهم اليهم قبضوا على رجل من بني ثعلبة ثم دخل في الاسلام وصار دليلا لجيش المسلمين الى طريق العدو فلما سمع الاعداء بقدوم جيش المدينة تفرقوا في الجبال فلما وصل النبي واصحابه الى مكان تجمعهم مكث هناك شهر صفر كاملا لتزيد قوة المسلمين في عيون العرب كلها ثم رجعوا الى المدينة دون اقامة حرب 
قتل كعب بن اشرف 
بعد هذه الاحداث تبعها حدث كبير وهو مقتل كعب بن اشرف من قبيلة طيئ من بني نبهان وهو من اشد اليهود حقدا على المسلمين وكان شاعرا معروفا عند العرب فجعل في كل مناسبة ينشد الاشعار يبكي فيها على قتلى بدر ويحرض الاقوام والطوائف على الحرب ويتسلط بلسانه وشعره على نساء المسلمين فلما اشتد طغيانه حينئذ امر النبي صلى الله عليه وسلم مجموعة من اصحابه بالخروج في مهمة  لقتله فكان ذلك بعد خطة محكمة كانوا قد وضعوها ونجحوا في تنفيذها فدب الرعب في اوساط اليهود فالتزموا الهدوء واستكانوا واستقرت المدينة بذلك من الناحية الداخلية 
غزوة بحران 
وهي عبارة عن دورية عسكرية كبيرة  للمسلمين بقيادة النبي صلى الله عليه وسلم في السنة 3 ه الى ارض يقال لها بحران حيث اقام فيها مع المسلمين مدة تزيد عن الشهر قبل ان يرجع الى المدينة ولم تقم فيها اية  حرب 
سرية زيد بن حارثة 
وهي دورية عسكرية ناجحة قام بها المسلمون قبل معركة احد في السنة 3 ه اعترضوا فيها الطريق على قافلة تجارية قادمة من مكة ومتوجهة الى الشام من طريق جديد فخرج المسلمون بقيادة زيدبن حارثة الكلبي وداهموا القافلة واستولوا عليها بعد فرار المشركين وقد اسر المسلمون دليل القاقلة وحملوا الغنائم الى المدينة فكانت هذه السرية ماساة شديدة لقريش اشتد بها قلقها وزادت بها عزيمتها على الثار واسترجاع كرامتها بين القبائل والقضاء على المسلمين وقوتهم 
غزوة احد
هي ثاني أكبر غزوة خاضها  المسلمون ضد الكفار وقعت هذه الغزوة في السنة الثالثة للهجرة بين قبيلة قريش بقيادة ابي سفيان بن حرب والمسلمين بقيادة النبي صلى الله عليه وسلم 
فبعد عام واحد من وقعة بدر الكبرى اشتعلت مكة غيظا على المسلمين بعدما اصابها منهم من ماساة الهزيمة وقتل الصناديد والاشراف فتجيشت في القوم نزعة الاخذ بالثار والانتقام لقتلى بدر واسترجاع مكانة قريش المسلوبة بين القبائل فاتفقوا على اعلان الحرب والقيام بمعركة فاصلة بينهم وبين المسلمين فاعدت قريش العدة من سلاح وجيش ومؤونة وجمعت حلفائها من القبائل الاخرى وتحركت نحو المدينة 
في ذلك الوقت وصلت الاستخبارات الى النبي صلى الله عليه وسلم بان قريشا تريد الاغارة على المسلمين  فدخلت المدينة في حالة استنفار وبدا الاعداد لخطة دفاعية فاعدوا جيشهم استعدادا لمقابلة قريش وبالفعل تمت المقابلة بين الطرفين خارج اسوار المدينة  في احد السفوح الجنوبية  قرب جبل احد وعليه سميت المعركة ودارت رحى الحرب ورغم صغر جيش المسلمين وما صار فيه من تمرد وانشقاق لبعض المنافقين الا انه سيطر على الموقف حتى خارت عزائم المشركين واخذت في الانسحاب لكن غلطة قام بها الرماة في الجيش الاسلامي كانت كفيلة بقلب الموازين وكادت تكون سببا في مقتل النبي صلى الله عليه وسلم بعد ان غلبتهم انفسهم واستحوذ عليهم حب الدنيا فنزلو من الجبل ابتغاء الغنائم فانتهز خالد بن الوليد ومن معه هذه الفرصة وانقض على المسلمين من خلفهم ثم انقلب جيش المشركين على المسلمين الذين تبدد موقفهم ففرنفر منهم تاركين ساحة القتال  وبقي اخرون يقاومون رحى المعركة فقتل كثير منهم ونكل باجسادهم  والتف المشركون حول رسول الله صلى الله عليه وسلم وحاولوا قتله فجرحوه وادموه لكن مقاومة اصحابه ودفاعهم عنه حال دون ذلك  ومن اشهر الصحابة الذين قتلوا في هذه المعركة هو حمزة بن عبد المطلب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم
غزوة حمراء الاسد


 فبعد رجوع المسلمين من هذه المعركة الدامية كان من اقوى الدروس والعبر التي اخذوها هي سوء عاقبة المعصية وارتكاب النهي كما ان هذه المعركة كانت سببا في فضح المنافقين الذين كانوا يختبؤون وسط المسلمين باسم الاسلام ومنها انها ابتلاء للمسلمين وامتحان لهم ولمدى صبرهم 
سرية ابي سلمة 
بعد ماساة احد وما لحق بالمسلمين زادت المتاعب الداخلية والخارجية على المسلمين وازداد معها الخطر على المدينة فقد كاشفت القبائل من يهود ومنافقين واعراب بالعداء وطمعت ان تنال من المؤمنين وتقضي عليهم 
ومن هؤلاء بنو اسد بن خزيمة الذين ارادوا القيام بحرب على المدينة فبعث الرسول صلى الله عليه وسلم  بسرية امر عليها ابا سلمة فاغار عليهم وباغتهم في عقر دارهم قبل ان يغيروا هم فتشتت قوامهم واصاب المسلمون غنائما لهم عادوا بها الى المدينة دون حرب وكان ذلك في بداية السنة الرابعة للهجرة 
كما كانت هناك بعوث اخرى للمسلمين منها  بعثة عبد الله بن انيس و بعثة الرجيع التي حدثت فيها ماساة شديدة على المسلمين  في السنة الرابعة للهجرة وتلتها ماساة اخرى هي  وقعة  بئر معونة  كان فيها الكثير من الضحايا  حيث وقعت هذه الماسي خلال ايام معدودة سببت الما شديدا وحزنا وقلقا في اوساط المؤمنين 
غزوة بني النضير
وقعت هذه الغزوة في السنة الرابعة من الهجرة  في منازل بني النضير جنوب المدينة المنورة وقد انزل الله في هذه الغزوة سورة الحشر باكملها وقد كانت بين المسلمين ويهود بني النضير بعد ان نقض هؤلاء اليهود العهد والميثاق الذي كان بينهم وبين المؤمنين فحاولوا اغتيال النبي صلى الله عليه وسلم  بعد ان ذهب اليهم في قضية الدية لقتيلين فرجع الى المدينة وامرهم بالخروج من قبائلهم لكنهم ابوا ذلك وتحصنوا فحاصرهم المسلمون عدة ليال ثم استسلموا وتركهم النبي صلى الله عليه وسلم يغادرون الديار سالمين شريطة ان لا ياخذوا الا ما تحمله الابل غير السلاح  وقد كانت سببا في نزول سورة الحشر التي بينت هذه الحادثة وفضحت المنافقين واعطت درسا في المصالح الحربية حتى انها لقبت بسورة النضير 
بعد هذه الواقعة التي احرز فيها المسلمون نصرا كبيرا تبعتها عدة غزوات اخرى منها 

غزوة نجد في نفس السنة  وكان هدفها تاديب القبائل والاعراب الذين تطاولوا على المسلمين وتجرؤوا على التمرد وفعل المنكر والاحتيال بشتى الطرق ثم تلتها  غزوة بدر الثانية بعد ان حضر الموعد المتفق عليه مع قريش في غزوة احد وكان ذلك في السنة الرابعة للهجرة ايضا حيث استخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم على المدينة عبد الله بن رواحة واعطى اللواء لعلي بن ابي طالب وخرج مع جيشه  طالبا قريشا وابا سفيان الذي اخافه لقاء المسلمين فاستسلم هو وجيشه وتراجعوا قبل لقاء المسلمين الذين زادت هيبتهم وارتفع قدرهم بين القبائل بعد انكسار قريش واستسلامها 
وبعد معركة بدر الصغرى كانت غزوة دومة الجندل التي حدثت في موضع من مشارف الشام حيث عزم فيها رشول الله صلى الله عليه وسلم على مفاجاة الاعداء بعد ان اتحدواهناك  بغية الغزو على المسلمين فكان الرد قاسيا 
وبذلك نجح النبي صلى اللهعليه وسلم في بسط الامن والسلام في المنطقة والسيطرة على الموقف بخططه الحكيمة لتخفيف الضغط داخليا وخارجيا على المسلمين عموما وعلى المدينة خصوصا والتفرغ لافشاء الاسلام وتبليغ الرسالة 

غزوة الاحزاب او الخندق
بعد سنة كاملة من الحروب والبعثات وبعد الهدوء الذي عم الجزيرة العربية غير ان  اليهود وبرغم الذل والهوان الذي لحقهم بسبب مؤامراتهم الا انهم لم يتعظوا ولم يستكينوا وظلوا ينتظرون الفرصة للاطاحة بالمسلمين عن طريق الحيلة والتامر فلم يكونوا يجرؤون على المواجهة المباشرة مع المسلمين 
ولهذا خرج زعماء اليهود وسادات بني النضير الى قريش يحرضونهم على غزو النبي ويواعدونهم على النصر والموالاة لهم  فاجابتهم قريش بغية انقاذ سمعتها ثم انتقلوا الى قبائل العرب الاخرى  يدعونهم بمثل ما دعوا به قريشا فاستجابوا لهم وبذلك نجح رؤوس اليهود في جمع احزاب الكفر على النبي صلى الله عليه وسلم فبدؤوا استعداداتهم لغزو المدينة 
وبالفعل في شهر شوال من السنة الخامسة للهجرة خرجت قبيلة قريش بقيادة ابي سفيان مع حلفائها من قبائل كنانة وغطفان وبنوا اسد وسليم وغيرها ثم انضم اليهم  يهود بني قريضة  متحركين نحو المدينة في الوقت الذي نقلت فيه الاستخبارات لقيادة المسلمين  خبر هذا الزحف العظيم  فسارع رسول الله صلى الله عليه وسلم  واصحابه الى وضع خطة دفاعية حكيمة لحماية كيان المدينة  تمثلت في حفر خندق حول المدينة  فتم حفره في الجهة الشمالية لها كون الجهات الاخرى محاطة بالجبال وبساتين النخيل فلا يستطيعها الكفار 
فلما اكتمل الحفر واقترب جيش المشركين خرج النبي صلى الله عليه وسلم مع جيش المسلمين وتحصنوا في جبل بالمدينة وكان قد استخلف ابن ام مكتوم على المدينة وامر بالنساء والذراري فجعلوا في اطامها
فلما اراد المشركون مهاجمة المسلمين وجدوا الخندق يحول بينهم فالتجؤوا الى فرض الحصار الذي لم يستعدوا له وقد حاولوا كثيرا اقتحامه لكن كفاح المسلمين حال دون ذلك _ودام الحصار اكثر من اسبوعين زاد من المشقة والجوع على المسلمين وانتهى بانسحاب الاحزاب بعد ان طالتهم  ريح باردة شديدة زعزعت كيانهم وارعبتهم  وتشتت جمعهم بالخلاف  الذي وقع بينهم فرجعوا خائبين مدحورين بنصر من الله 
غزوة بني قريظة 
وبعد انتهاء الغزوة والرجوع الى المدينة وبامر نزل به جبريل الى النبي صلى الله عليه وسلم توجه هو واصحابه  الى بني قريظة بعد ان استخلف على المدينة ابن ام مكتوم واعطى الراية لعلي بن ابي طالب  فحاصروهم الى ان استسلموا وحكم عليهم بقتل مقاتليهم وكبار ساداتهم وتقسيم اموالهم  و اما النساء والابناء فتم تفريقهم عبيدا بين المسلمين وقد سميت هذه الحادثة بغزوة بني قريظة  تم فيها استئصال افاعي الغدر والخيانة الذين كانوا قد نقضوا الميثاق وعاونوا الاحزاب وقد انزل الله في هاتين الغزوتين ايات من سورة الاحزاب 

بعد هذه الاحداث الاحداث استمر النشاط العسكري للمسلمين ومنها  
-خروج مفرزة تم فيها قتل واحد من اكابرمجرمي اليهود وهو سلام بن ابي الحقيق 
- خروج سرية محمد بن مسلمة  متجهة الى ارض نجد 
-ثم حدثت غزوة بني لحيان الذين غدروا بعشرة من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فبعد الفراغ من الاحزاب توجه اليهم لاخذ الثار لاصحابه 
-ثم تتالت بعوث وسرايا اخرى منها سرية ابي عبيدة بن الجراح وسرية زيد وغيرها 

غزوة بني المصطلق او غزوة المريسيع
وقعت هذه الغزوة في السنة السادسة للهجرة على اكثر الاقوال وكان سببها هو بلوغ خبر الى النبي صلى الله عليه وسلم بان رئيس بني المصطلق الحارث بن ابي ضرار قد سار مع قومه وجمع من العرب يبتغي الحرب ضد المسلمين  فلما تاكد له ذلك اسرع في الخروج مع المسلمين لرد شر هؤلاء وحماية المدينة فباغتهم  في منطقة تعرف بماء المريسيع  وحصل بينهم القتال الذي انتهى بنصرة المسلمين وسبيت النساء والذراري والنعم والشاء وكان من بين السبي جويرية بنت الحارث رئيس القوم  وقد ادى عنها كتابها و اعتقها رسول الله صلى الله عليه وسلم وتزوجها فيما بعد  
بعد هذه الغزوة اشتعلت نار الفتنة وظهر حقد المنافقين من جديد وتجلى ذلك في حادثة شهيرة هي حادثة الافك
حديث الافك 
وهي حادثة افتعلها المنافقون بعد الانتهاء من غزوة بني المصطلق ضد السيدة عائشة رضي الله عنها زوجة النبي صلى الله عليه وسلم  و كان قد خرج بها رسول الله صلى الله عليه وسلم معه في هذه الغزوة بعد قرعة اصابتها من بين نسائه  فلما انتهت الغزوة وفي طريق العودة تخلفت السيدة عائشة عن الركب بعد ان فقدت عقدا لاختها كانت قد اعارتها اياه فخرجت تبحث عنه وعند رجوعها وجدت الركب قد مضى من دونها فقعدت مكانها لعلهم يرجعون اليها وغلبتها نومتها فنامت ولم تستيقظ الا على صوت صفوان بن المعطل الذي بقي في اخريات الجيش بسبب كثرة نومه فلما راها عرفها واناخ لها راحلته فركبتها وانطلق بها يقودها الى ان ادرك  الركب والجيش فلما راى الناس ذلك  تكلم كل منهم على شاكلته وهواه ووجد الخبيث عدو الله ابن ابي الفرصة لبث سمه وصرف نفاقه وحسده فجعل يستحكي الافك ويشيعه  بين الناس ويتهم السيدة عائشة في شرفها فلما وصلوا المدينة افاض اهل الافك في الحديث وبقي رسول الله صلى الله عليه وسلم ساكتا عن الامر لا يتكلم وقد تاخر عنه الوحي اما عائشة فلما رجعت وقعت مريضة طريحة الفراش لا تدري من امر الافك شيئا حتى برات فلما عرفت بالامر بكت بكاءا شديدا وبقي الحال ذاك حتى نزل الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم يبرئ فيه عائشة بنت الصديق مما افتراه المنافقون عليها وهي ايات بينات من سورة النور  اما الذين اشاعوا الافتراء وتكلموا به فقد تم تطبيق الجلد عليهم وبذلك اختفت سحابة الشك من سماء المدينة وافتضح المنافقون وشرهم 

استمرت البعوث والسرايا بعد غزوة بني المصطلق ومنها سرية عبد الرحمن بن عوف وسرية علي بن ابي طالب وسرية ابي بكر الصديق وسرية كرز بن جابر الفهري  وغيرها من السرايا التي خلت من القتال المرير ولكن وقعت فيها صدامات خفيفة اعتبرت بالاساس تحركات تاديبية ودوريات لترهيب الاعراب والاعداء وكل من سولت له نفسه المساس بالاسلام والمسلمين
صلح الحديبية 
بعد تلك الغزوات والاحداث العسكرية العظمى التي خاضها المسلمون بدات طلائع نجاح الدعوة بالظهور وبدا التمهيد باقرار حق المسلمين في اداء عبادتهم في المسجد الحرام بعد صد دام ستة اعوام 
اخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم اصحابه بانه معتمر فتجهز الركب وخرج المسلمون في عدد يفوق الالف يقودهم النبي صلى الله عليه وسلم متجهين الى مكة  بدون سلاح فلما اقترب بعث لقريش بخبر قدومه لكنها قررت صده ومن معه فبعثت بفرسانها قصد قتال المسلمين لكن النبي سلك مع اصحابه طريقا مخالفا تجنبا للقاء الدامي مع الكفار  حتى نزل اقصى الحديبية   وقد كان هناك رجال حاولوا  التوسط بين رسول الله صلى الله عليه وسلم  و قريش التي استصعبت أمر الصلح  و اصرت على القيام بالحرب  إلى أن بعث الرسول صلى الله عليه وسلم بعثمان بن عفان كسفير ليؤكد لقريش موقفه وهدفه من السفر  فانطلق اليهم وبلغهم الرسالة لكن قريشا احتبسته عندها بغية التشاور وإعطاءه الجواب الذي يريده   فلما طال الحبس شيع عن عثمان أنه قتل وبسبب هذه الحادثة وقعت بيعة الرضوان التي بايع فيها اصحاب  النبي محمد صلى الله عليه وسلم على الموت وكانت تحت ظل شجرة  وهي حادثة مشهورة في السيرة النبوية 
فلما عرفت قريش حراجة الموقف الذي وقعت فيه ارسلت برجل منها يقال له سهيل بن عمرو لعقد الصلح مع المسلمين 


غزوة الغابة
غزوة خيبر 
سرية مؤتة 
فتح مكة
غزوة حنين
غزوة الطائف
غزوة تبوك


 

 







 



هل يجوز الإحتفال بالمولد النبوي الشريف؟





تعليقات