القائمة الرئيسية

الصفحات

حادثة الإسراء والمعراج



الإسراء والمعراج 1444 ه

مع نهاية شهر رجب من كل عام هجري يعود للمسلمين ذكرى حادثة عظيمة من الحوادث الإسلامية الكبرى التي عاشها النبي صلى الله عليه و سلم خلال دعوته الناس إلى الإسلام وهي حادثة الإسراء والمعراج ، فبينما رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يزال في مرحلة كانت دعوته تشق طريقها بين النجاح والإضطهاد و كان الطريق لايزال صعبا تتراءى نجومه في الأفق وقع هذا الحدث الجليل والمعجزة الربانية  للنبي صلى الله عليه و سلم تكريما له على صبره ودعما وتعزيزا لرسالته .
إنها رحلة السماء بل رحلة العجائب التي أ

ما هو الإسراء والمعراج ومتى وقع 

بعد الرحلة التي قام بها النبي صلى الله عليه وسلم إلى الطائف وما وقع له من تعب واضطهاد وأذى أكرمه الله تعالى بهذه المعجزة الجليلة والمعجزات كما هو معلوم تأتي بعد صبر وبعد تضحية وتحمل 
الإسراء والمعراج  رحلة عجيبة عظيمة  قدرها الله سبحانه وتعالى على نبينا الأكرم محمد صلى الله عليه وسلم تسلية له ورفعا لمقامه فبلغ في هذه الرحلة مبلغا لم يبلغه ملك مقرب ولا نبي مرسل .

وقد وقعت رحلة الإسراء والمعراج قبل هجرة النبي صلى الله عليه وسلم قيل بسنة واحدة ، وقيل بسنتين وقيل أقل كما قيل أكثر فقد اختلف في تعيين زمنه على أقوال شتى بالنسبة للسنة وكذلك بالنسبة للشهر واليوم الذي كانت فيه وقعة الإسراء والمعراج لكن الراجح هو الإتفاق على  وقوعها  بعد عودة النبي صلى الله عليه وسلم من رحلة  الطائف و بعد العام الذي كانت فيه وفاة خديجة رضي الله عنها وأرضاها، ووفاة عم النبي صلى الله عليه وسلم في عام سمي بعام الحزن 

أما عن الطريقة هل كانت رحلة الإسراء بالروح و الجسد أم بالروح فقط فالجواب أنه أسري به جسدا وروحا

تفاصيل رحلة الإسراء والمعراج 

روى أئمة الحديث تفاصيل هذه الوقعة ، وفيما يلي نسردها بإيجاز

     كان قد اشتد الهم بالنبي صلى الله عليه و سلم وزاد الحزن عليه في سبيل الدعوة إلى الله تعالى، و في إحدى الليالي التي هي ذكرى لهذه الأمة ، صلى النبي صلى الله عليه و سلم صلاة العشاء ،ثم نام ،واختلف العلماء هل نام في بيته أم كان نائما في مكان آخر والصحيح كما في البخاري  أنه كان نائما عند الكعبة وبالضبط في حجر الكعبة وكان متوسدا بردته صلى الله عليه وسلم  فجاءه جبريل عليه السلام يوقضه فاستيقظ النبي عليه الصلاة والسلام  ،وروي أنه شق صدره وغسل قلبه  في طست من ذهب بماء زمزم وحشاه حكمة وإيمانا ثم أطبق عليه ورجح أنها المرة الثانية التي يشق فيها صدر النبي عليه الصلاة والسلام بعد أن كان ذلك في صباه عند حليمة السعدية وروي أن جبريل أخذ بيده و ذهب يطوف معه حول الكعبة فطافا سبعا، يقول فرأيت دابة عظيمة لها جناحان _إنها دابة تنقل الأنبياء_ تضع حافرها في منتهى طرفها ،فرقيها أي ركبها النبي صلى الله عليه و سلم ،وأخذت تسري به في تلك الليلة باتجاه بيت المقدس
فهي رحلة عظيمة لنبي عظيم على دابة عظيمة برفقة جبريل عليه السلام إلى مكان عظيم 
وقد رأى النبي عليه الصلاة والسلام في هذه الطريق أمورا عظيمة  ، كل هذا وأهل مكة  نيام لا يدرون عن أمره هذا شيئا.

حين وصل إلى بيت المقدس  ، وجد إبراهيم الخليل عليه السلام ، وكانت أول مرة يراه فيها وقد وصفه بأن قال لأصحابه بأن أشد الناس شبها به صاحبكم يعني هو عليه الصلاة والسلام . ورأى موسى عليه السلام يصفه ويقول هو رجل طويل آدم ، جعد كأنه من رجال شنوءة، ووجد عيسى عليه السلام ووصفه فقال فيه ، رجل أحمر لا قصير ولا طويل ، سبط الشعر ، أشد الناس شبها به هو عروة بن مسعود الثقفي ،هكذا وصفهم.
 في جمع من الأنبياء ، في بيت المقدس ،في الأرض المباركة ، صلى النبي صلى الله عليه و سلم إماما بالأنبياء ، وبعد الصلاة قدم له إناءان واحد من لبن والآخر من خمر  فاختار عليه الصلاة والسلام إناء اللبن، فقال له جبريل هديت للفطرة وهديت أمتك ، ولو شربت الخمر ،لغويت وغويت أمتك، ثم رجع النبي صلى الله عليه و سلم إلى فراشه في بيت أم هانئ ، ونام تلك الليلة فلما أصبح أخبر أم هانئ بالخبر فقال لها '' ذهبت وصليت في بيت المقدس ورجعت''  فقالت أم هانئ '' لا تخبر أحدا بهذا فإن أخبرتهم كذبك الناس وآذوك''  قال '' والله لأحدثنهم ''
وفي الصباح نادى أهل قريش وأخبرهم بأنه صلى في بيت المقدس مع الأنبياء ،فانتهز المشركون هذه الفرصة وأخذوا ينشرون بين الناس  يقولون " إن العير لتضرب شهرا إلى بيت المقدس وشهرا ترجع منها وصاحبكم يقول أنه في  ساعة صلى في بيت المقدس ورجع" حتى أن ضعاف الإيمان تشككوا في دينهم وبعضهم ربما تراجع عن دينه
 حتى ذهبوا إلى صاحبه أبي بكر وقالوا له " إن صاحبك يزعم بأنه ذهب إلى بيت المقدس وصلى ورجع في ليلة واحدة أو في  ساعة واحدة " فقال أبو بكر بكل هدوء " إن كان قد قالها فقد صدق إني أصدقه في خبر السماء يأتيه وهو جالس عندي أفلا أصدقه في هذا " ، فأنزل الله تعالى في أبي بكر قوله سبحانه (( والذي جاء بالصدق وصدق به أولئك هم المتقون )) فلما تجمع المشركون ومعهم بعض الصحابة ومعهم أبو بكر حول رسول الله صلى الله عليه وسلم يستفسرون ما الخبر وما الي تقوله فالرسول عليه الصلاة والسلام لم يزر بيت المقدس من قبل فقال سأصف لكم بيت المقدس وقد تحدوه بهذا فقد كان بعضهم قد شاهده من قبل فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم يصف بيت المقدس حجرا حجرا يقول " رفع لي بيت المقدس كأنني أراه " وكلما قال شيئا قال أبو بكر خلفه صدقت ،صدقت ،حتى قال النبي له أنت صديق هذه الأمة 
ثم تحدى المشركين فقال لهم رأيت عيرا أي  قافلة في الطريق فيها كذا وكذا وكذا فأخبرهم بأوصاف القافلة كاملة  وسوف تأتيكم في اليوم الفلاني من ثنية التنعيم  فانتظر المشركون في ذلك اليوم فإذا القافلة كلها تصل كما وصفها وإذا بالمؤمنين يزدادون إيمانا والنبي سري عنه بعد هذا الإسراء  وأهل التقوى يزدادون يقينا أما المشركون ازدادوا غضبا و حقدا وحنقا على رسول الله صلى الله عليه وسلم 
قال الله تعالى (( سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير )) 

وعرج بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى السماوات العلا وكان جبريل برفقته ، رأى المعراج ليس شيء أجمل منه ، فكان النبي في معراجه يرتقي من هذه  الأرض إلى السماوات . فيستفتح جبريل السماء و لكل سماء أمنتها أي حفظتها من الملائكة .
قالت الملائكة من ، قال جبريل  قالت ومن معك قال محمد  فسألت الملائكة وهل بعث قال نعم  ففتحت أبواب السماء لرسول الله صلى الله عليه وسلم 
دخل رسول الله السماء الدنيا وهي السماء الأولى فرأى رجلا ترفع له النسمات فكل روح تقبض في الأرض ترفع إليه فإذا رأى روحا مؤمنة فرح ، وإذا رأى روحا خبيثة كافرة حزن 
قال النبي لجبريل من هذا قال هذا أبوك آدم فسلم عليه فرد آدم أهلا بالإبن الصالح والنبي الصالح

ثم ارتقى مرة أخرى إلى السماء الثانية ففتحت له أبواب السماء وكلما مر عليهم ملأ من الملائكة سلموا عليه واستبشروا به ورحبوا به صلى الله عليه وسلم  فرأى في السماء الثانية إبني الخالة عيسى ابن مريم ويحيى ابن زكرياء فسلم عليه وقال أهلا بالأخ الصالح والنبي الصالح 

ثم ارتقى عليه الصلاة والسلام إلى السماء الثالثة فرأى فيها رجلا جميلا أوتي شطر الحسن ،قال من هذا يا جبريل قال هذا يوسف ابن يعقوب ،هذا الكريم ابن الكريم ،ابن الكريم اين الكريم فسلم عليه فقال يوسف أهلا بالأخ الصالح والنبي الصالح 

ثم ارتقى نبينا صلى الله عليه وسلم إلى السماء الرابعة فرأى فيها إدريس، فقرأ النبي" ورفعناه مكانا عليا" ،فسلم عليه ورد السلام 

ثم إلى السماء الخامسة ،فرأى رجلا ذو لحية بيضاء ، فقال النبي لجبريل من هذا ،قال هذا الذي أحبه قومه إنه هارون ابن عمران عليه السلام ،فسلم عليه ورد السلام ، قال أهلا بالأخ الصالح والنبي الصالح

ثم ارتقى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السماء السادسة  فرأى فيها رجلا طويلا آدم أقنى، إنه  موسى عليه السلام فسلم عليه فرد السلام قال أهلا بالأخ الصالح والنبي الصالح  
ثم وصل إلى السماء السابعة ، فرأى رجلا مستندا بظهره إلى البيت المعمور وهو في كل يوم يدخله سبعون ألفا من الملائكة لا يدخلون مرة أخرى  قال من هذا قال إنه أبوك إبراهيم الخليل فسلم عليه فرد السلام أهلا بالإبن الصالح والنبي الصالح 
في هذه السماء السابعة توقف الأنبياء فلم يرقى بعدها نبي من الأنبياء من قبل أما رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم فقد ارتقى عن السماء السابعة ووصل إلى نهاية الخلق في مكان يسمى  سدرة المنتهى  ، حتى جبريل عليه السلام لما وصل إلى هذه المرتبة  لم يستطع أن يرتقي بعدها 
يقول النبي رأيت جبريل في هذا المكان يخاف من مقام ربه ، يقول رأيته كالحلس البالي أي كالثياب البالية التي سقطت على الأرض ((ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى )) فهذه المرتبة لم يصلها لا نبي ولا ملك من قبل
فارتقى النبي فرأى نورا قال نورا أنى أراه ، فكلم ربه مباشرة بلا ترجمان لكن حجاب ربنا النور، قال لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه خلقه من بصره ،  أي كل الخلق يحترق لو كشف ربنا هذا الحجاب فأي لقاء هذا لقاء الرب جل وعلى بحبيبه وخليله وصفيه محمد صلى الله عليه وسلم 

في السماء السابعة كلم النبي صلى الله عليه وسلم ربه  لكن لم يره بل قال " نورأنى أراه " فكان لقاءا عظيما وكلاما عظيما 
في تلك السماء ، فرض الله عز وجل على نبينا وعلى هذه الأمة أعظم العبادات وهي الصلاة ، فقد فرض الرب عز وجل هذه الشريعة من فوق سبع سماوات ، وفرضها خمسين صلاة في اليوم والليلة من الفجر إلى الفجر وكل صلاة أكثر من ركعة فأقبل النبي عليه الصلاة والسلام راجعا فمر على موسى ابن عمران  عليه السلام ، فسأله عما فرضه الله عزوجل عليه فقال فرض علي الصلاة ، قال وكم فرض عليك من صلاة قال خمسين صلاة ، قال أمتك لن تقدر عليها ، وكان موسى رفيقا بأمته كما أمة محمد ،فقال ارجع إلى ربك واسأله التخفيف ، فرجع النبي عليه الصلاة والسلام إلى ربه يشفع لهذه الأمة أن يخفف الله عليها عدد الصلوات فأنزل الله تعالى عدد الصلوات من الخمسين إلى الأربعين أي عشر صلوات ، فرجع النبي عائدا فلقي موسى في طريقه ، و قال له  كم جعلها الرب  قال أربعين قال ارجع إلى ربك فإن أمتك لن تقدر عليها وصدق موسى فرجع النبي وطلب من ربه التخفيف فصارت ثلاثين ثم كل مرة ينزل الرب عز وجل ويخفض عشر صلوات حتى صارت عشرا ثم جعلها الرب تبارك وتعالى خمسا فنزل إلى موسى قال كم صلاة قال خمس صلوات قال ارجع إلى ربك واسأله التخفيف فإن أمتك لن تقدر عليها فقال النبي استحييت من ربي ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم " من أتى بهن وصلاهن إيمانا واحتسابا كن له كخمسين صلاة " 
ولا يبدل القول عند الله تعالى فهي خمس صلوات نصليها في اليوم والليلة لكنها تكتب كخمسين صلاة  ثم الحسنة بعشر أمثالها ، فهذه الفريضة أراد أن يفرضها الله على هذه الأمة في معراجه عليه الصلاة والسلام ((إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا))









تعليقات