القائمة الرئيسية

الصفحات

قيمة المنطق الصوري مقالة مقترحة بقوة في بكالوريا 2024

قيمة المنطق الصوري مقالة  مقترحة بقوة في        بكالوريا 2024 

 

قيمة المنطق الصوري 

قيمة المنطق الصوري هي واحدة من المقالات المرشحة بقوة في بكالوريا هذا العام دورة جوان 2024  بالنسبة لشعبة العلوم التجريبية ، لذلك نحن نقدمها لكم على شكل مقالة جدلية تبين أهمية المنطق الصوري أمام العلوم الأخرى ، وبيان الموقفين المتعارضين وأهم أقوال الفلاسفة والمفكرين حول موضوع  المنطق .
مقالة مكتوبة بطريقة الجدل كاملة بالتفصيل لمن يريد الإستفادة ،فشاركوها مع زملائكم لتعم الفائدة على الجميع .
وإليكم المقال الفلسفي هنا بالتفصيل ، مع العلم بأننا ذكرنا عناصر المقالة الجدلية في سابق المقالات التي وضعناها في موقعنا للإستفادة .

الموضوع 

مقالة جدلية حول قيمة المنطق الصوري

مقالة قد تهمك :

المشكلة والإشكالية


نص السؤال : 

« قيل أن مراعاة قواعد المنطق الصوري ، تعصم الذهن من الوقوع في الخطأ » حلل وناقش 

مقدمة

كما هو معلوم أن الله عز وجل خلق الإنسان وميزه بملكه عليا ألا وهي العقل ،  التي جعلته دائم البحث والتفكير عن السبل التي توصله إلى الحقيقة المثلى ، باعتباره ميزان التميز بين الصحيح والخطأ ، هذه الهبة التي وجدت مع ظهور الإنسان.

 وكالعديد من المفكرين والفلاسفة ، فقد عمل أرسطو في وقته ، على ضبط قواعد وأسس منطقية ، تضمن الإبتعاد عن الزلل والفساد ، فيما يعرف بالمنطق الصوري ، لكن مع التطور الذي شهده العلم وبعد انفصال العلوم عن الفلسفة ودخول الرياضيات ، ظهر ما يعرف بالمنطق الرمزي ، وهنا نشأ جدال حاد بين الفلاسفة والمفكرين ، حول قيمة المنطق الصوري ، حيث وجهت العديد من الإنتقادات له ، بين من يقول هو آلة العلم ، وأنه إيجابي ، وبين من يؤكد عقمه وأنه لا جدوى منه وبأنه سلبي ، هذا ما يدفعنا لطرح الإشكال التالي : 

هل المنطق الصوري له قيمة وفائدة في ظل التغيرات الحاصلة في الفكر البشري ؟ و هل يحقق انطباق الفكر مع نفسه ؟ وإلى أي مدى يمكن اعتباره معيارا للصحة والصواب؟


أنصار الموقف الأول 

يرى أنصار الموقف الأول بأن المنطق الأرسطي جدير بالثناء ، حيث ذهبوا إلى القول بمشروعيته ، ومن بين هؤلاء نجد أرسطو الذي اعتبر بأن المنطق له أهمية كبرى بالنسبة للإنسان ، لأن موضعه العقل من ناحية الصحة والفساد ، إذ يقول فيه « آلة العلم » بمعنى أنه يحمي ويقي فكر الإنسان من الوقوع في الأخطاء ،  نتيجة قواعده ومبادئه و مباحثه الممنهجة،  وهو موضوع العلم نفسه ، وقد اعتمد أرسطو على المسلمة القائلة : « ما دام التفكير الإنساني معرضا للخطأ أو الصواب  ، و لأجل أن يكون التفكير سليما و تكون نتائجه صحيحة ، أصبح الإنسان بحاجة إلى مبادئ العقل » ، مثل مبدأ التناقض ، مبدأ الثالث المرفوع  ، و مبدأ السببية .

 هذا السبب هو الذي جعل الفيلسوف ليبنيتز يقول « إن مبادئ العقل هي روح الإستدلال وعصبه وأساس روابطه ، وهي ضرورية له كضرورة العضلات والأوتار العصبية للمشي » ، ومعنى ذلك أن مبادئ العقل ضرورية لتصوراتنا وكذا إستدلالاتنا . 

وقد اعتبر أرسطو أن الأقسام الرئيسية الثلاثة لهذا المنطق ، وهي قسم التصورات والحدود الذي يبحث في الألفاظ ، وقسم القضايا والتصديقات الذي يبحث في الجمل والأحكام ، و قسم الإستدلالات الذي يبحث في الحجج والأقيسة ، قد مكنت من عصمة الذهن من الوقوع في الخطأ في الأحكام ، لذلك يعرف المنطق بقوله « المنطق علم التفكير الصحيح الذي نميز به بين القول الصحيح والقول الفاسد » .

 كما بين أن للمنطق وظيفتان أساسيتان:  

الوظيفة الأولى تتمثل في وضع القوانين والقواعد العقلية ، كقانون الهوية ، قواعد العكس المستوي  ، قواعد القياس ، وغيرها من القواعد التي ينبغي على العقل أن يعمل بها لتمييز صحيح الفكر من فاسده ، وهو من هذه الناحية علم من العلوم ، له موضوع خاص به ومنهج معين وغرض محدد ، لذلك يقول ابن سينا في كتابه " النجاة " « المنطق هو الصناعة النظرية التي تعرفنا من أي الصور والمواد يكون الحد الصحيح الذي يسمى بالحقيقة حدا ، و القياس الصحيح الذي يسمى بالحقيقة برهانا  » .

 أما الوظيفة الثانية ، فهي تتعلق بالكشف عن الخطأ في التفكير وأنواعه وأسبابه ، مثال ذلك لا يمكن الجمع بين الصفة ونقيضها ، لا وسط بين النقيضين ، حيث يقول أرسطو « من الممتنع حمل صفة وعدم حملها على موضوع واحد في نفس الوقت وبنفس المعنى »

 كما يرى أنصار هذا الموقف بأن المنطق هو الأداة التي بفضلها يقوم التفلسف لهذا فهو عماد الفلسفة وجوهر الميتافيزيقا ، لأن الفلسفة في النهاية ليست سوى نسق من القضايا المنطقية ، لهذا يقول راسل « إن صلة المنطق بالميتافيزيقا أشبه بصلة الرياضيات بالطبيعيات » . كما أنه آلة العلوم ، لأن كل العلوم من طبيعية ورياضية وإجتماعية ، تستخدم قواعده وتحتاج إليه ، في حين أنه لا يحتاج إليها .

 كما نجد من المدافعين عن المنطق ، الفارابي في كتابه " إحصاء العلوم " ، حيث يقول « المنطق صناعة تعطي بالجملة القوانين التي من شأنها أن تقوم العقل،  وتسدد الإنسان نحو طريق الصواب ونحو الحق في كل ما يمكن أن يغلط فيه من المعقولات »  . كما نجد في العصر الحديث الفيلسوف هانز ريشنباخ ، الذي يقول « بفضل دراسة أرسطو للصور المنطقية ، اتخذ المنطق الخطوات الأولى التي أدت إلى قيام علم المنطق » ، ودليل قيمة المنطق الأرسطي ، هو انتشاره الواسع في الشرق الإسلامي على يد فلاسفة ومناطقة  كبار ، الذين تأثروا بهذا العلم جراء احتكاكهم بالحضارة اليونانية ، فأبو نصر الفارابي اعتبره رئيس العلوم ، والشيخ الرئيس ابن سينا وصفه بخادم العلوم  .

ولقد بلغت قيمة المنطق ذروتها مع العلماء الأصوليين "الإمام الغزالي" ، وظل يحظى بقيمة كبيرة حتى مع الغرب المسيحي ، وهذا ما نجده عند القديس توما الأكويني الذي يعتبره «  هو الفن الذي يقودنا بنظام وسهولة وبدون خطأ في عمليات العقل الاستدلالية » . والمنطق هو علم قواعد الإستدلال الصحيح وبما أن المعرفة تحصل بالإستدلال ، فهو السبيل الوحيد إلى الوصول إلى هذه المعرفة .

نقد أنصار الموقف الأول 

حقيقة ، المنطق بإمكانه أن يقوم الفكر ويوجهه توجيها صحيحا ، ولكن هذا المنطق ليس أساسا لكل معرفة إنسانية . كما أنه قام بتعطيل الفكر العلمي لعدة قرون طويلة ، حيث لم يظهر أو يتطور العلم إلا بعدما تخلص من هيمنة وقبضة المنطق الأرسطي ، خاصة مع تغير لغة العلوم ، من اللغة الإصطلاحية إلى اللغة الرمزية ، أين أصبحت التعريفات الصورية غير مطلقة ، مما أدى إلى عدم اتفاق العقول ، ووصف المنطق بأنه غير منتج ، فهو يتميز بالسكون والثبات ، ولا يصلح للعالم الخارجي الذي لا يتوقف عن الحركة والتجدد ، يقول غوبلو «المنطق الصوري تحصيل حاصل» .

أنصار الموقف الثاني

ذهب أنصار الموقف الثاني إلى وصف المنطق الصوري بأنه فارغ والقول بعدم جدواه ، وقد بدأت الإتجاهات الرافضة لهذا المنطق منذ الفكر الإسلامي القديم ، فنجد مثلا الفيلسوف إبن تيمية الذي يقول عنه « فيه أمور باطلة فإذا وزنت به العلوم أفسدتها » ، وبعد عصره بقرون وفي عصر التنوير ، نسب العلماء الأوروبيون سبب التخلف والركود الذي لحق أوروبا أثناء القرون الوسطى إلى المنطق الصوري، حيث نجد من بينهم فرانسيس بيكون الذي أبرز النقائص الموجودة في هذا المنطق من خلال كتابه" الأورجانون الجديد " ، وقد اعتمد أنصار هذا الموقف على استخراج مختلف النقائص والسلبيات التي تميز المنطق الأرسطي ، فبينوا أنه منطق ضيق لا يعبر عن كل العلاقات المنطقية ، وأنه يكتفي فقط بالتحليلات الفكرية ، وأنه منطق عقيم لأنه يعتمد على القياس المنطقي الذي لا يأتي بمعرفة جديدة ، لأن نتيجته متضمنة مسبقا في المقدمة الكبرى ، حتى مع افتراض مطابقة مقدماته للواقع ، واستنتاج غير ما تتضمنه المقدمات فهو يفضي الى الأخطاء ، وهو عبارة عن تحصيل حاصل ، لأنه يبرز ما نعلمه ولا يكشف عما نجهله مثال ذلك :

« كل الفلاسفة حكماء ، إبن رشد فيلسوف ، إذا إبن رشد حكيم » ، فالنتيجة هنا ليست جديدة لأنها موجودة في المقدمة الكبرى وهي" كل الفلاسفة حكماء " .

وعبر ديكارت عن الفراغ الذي يميز هذا المنطق بقوله « أما عن المنطق ، فإن أقيسته ومعظم صوره الأخرى ، إنما تستخدم لكي تشرح للآخرين الأشياء التي يعلمونها ، إنها كفن من دون حكم لأولئك الذين يجهلونها » ، واستمر رفضهم مع المناطقة المعاصرين الذين اعتبروا بأن المنطق الأرسطي هو منطق اللغة ، لأنه يستعمل الألفاظ ، وهي لغة عادية توقعنا في الأخطاء والمغالطات  ، مثال ذلك : أغلوطة التركيب ، وهي ناتجة عن تركيب الأقوال واحتمالها لأكثر من معنى،  كقولنا  " سررت بضرب أسامة " يحتمل أن يكون أسامة ضاربا أو مضروبا  ، لذلك يقول هوبي « إن اللغة غير دقيقة ، فالكثير من أهم ألفاظها مبهم... والعلم يتكلم في غاية الدقة ، لغة الرياضيات التي مكن بناؤها منذ ألفيتين من التخلص من المبهمات » .

كما أكد على ذلك ثابت الفندي في قوله « ما دام المنطق يتعامل بالألفاظ لا بالرموز ، فإنه يبقى مثار جدل حول المفاهيم والتصورات المستعملة »  . ويقول بول فاليري « ليس للمنطق إلا مزايا جد متواضعة ، حينما يستخدم اللغة العادية » ، أي أن فوائده قليلة جدا باعتباره شكلي ، يدرس التفكير دون البحث عن طبيعة الموضوعات التي ينصب حولها ، فهو يهتم بصورة الفكر دون مادته ( الواقع ) ، أي أن الفكر قد ينطبق مع نفسه من الناحية الصورية المجردة ، ولكنه لا ينطبق مع الواقع ، فالمنطق يتصف بالثبات والسكون ، قائم على مبدأ الهوية ( الذاتية ) ، بينما الواقع يتصف بالتجدد والتغيير ، عكسه لا يقبل التطور .

 لهذا فالمنطق الصوري يصلح للمناقشة والجدل ، أكثر مما يصلح للبحث عن الحقيقة واكتشافها ، فقد ظهر الرد على السفسطائيين ، لهذا كان الغرض منه إفحام الخصم ، لا إكتشاف الحقيقة الموضوعية ، فهو فلسفة للنحو من حيث أنه يعني بلغة البرهنة والتقييد لكسب قضية .

 ولم تقف المعارضة من أصحاب المنطق الرمزي فقط ، بل هناك جملة من المفكرين المسلمين من عارض المنطق الأرسطي ، خاصة في إثبات الألوهية ، وفي هذا يقول إبن تيمية « إن الخائضين في العلوم من أهل هذه الصناعة ، أكثر الناس شكا واضطرابا ، وأقلهم علما وتحقيقا » ، فالمرجع الوحيد إلى معرفة الصحيح من الخطأ هو الكتاب والسنة ، معبرا عن هذا ابن تيمية قائلا «  إنه لا يقبل من أحد قط أن يعارض القرآن ، لا برأيه ولا بذوقه ولا بقياسه ولا وجده ، فإنهم ثبت عنهم بالبرهان ، القطعيات والآيات البينات ، أن الرسول صلى الله عليه وسلم جاء بالهدى ودين الحق وأن القرآن يهدي للتي هي أقوم  » ، ويضيف أبو صلاح السهروردي  قائلا «  إنه من تمنطق تزندق ، ومن تزنق دخل النار ، والفلسفة شر والمنطق مدخل الفلسفة،  فمدخل الشر شر » . وتواصلت الإفتراضات في العصر الحديث للمنطق الأرسطي مع كانط ، غوبلو وريكسل .

والدليل على ضعف المنطق الأرسطي ، هو ظهور المنطق الرمزي ( أي الرياضي )  الذي عوض اللغة العادية أي الألفاظ ، بالرموز الرياضية :  الثوابت وكذا المتغيرات...، والمنطق المادي ( الجدلي ) الذي يهتم بتطابق الفكر مع الواقع ، فهو ضروري لفهم سيرورة الأشياء والحياه البشرية.

نقد الموقف الثاني 

إن ما ذهب إليه أصحاب المنطق الرمزي صحيح ، حيث أقروا بأن هناك عيوبا للمنطق الصوري ، على اعتبار أن لغة العصر تغيرت ، مما تطلب استبدال اللغة الإصطلاحية باللغة الرمزية  لضمان اتفاق العقول ، لكنهم بالغوا في ذلك كثيرا ، متجاهلين الفوائد التي يتميز بها هذا النوع من المنطق ، الذي لا يمكن طمسه أو تجاهل دوره ، للفته انتباه معظم الفلاسفة والمفكرين لعده أزمنة ، واهتمام الإنسان به ، حيث أنه لا زال يعتمد عليه في حياته العملية ، بدليل أن الرياضيات تستخدم بعض مبادئه ، خاصة عدم التناقض ، والمنهج الإستنتاجي العقلي ، لهذا يقول راسل « المنطق شباب الرياضيات ، والرياضيات تمثل طور الرجولة للمنطق » .  بالإضافة إلى أن اهتمام المنطق بصورة الفكر دون مادته ( الواقع ) ، لا يعني أنه غير مهم ،  لأنه لكي لا يتناقض الفكر مع الواقع ، يجب أن لا يتناقض مع نفسه أولا ، أي أن انطباق الفكر مع ذاته ، هو أساس انطباقه مع العالم الخارجي .

التركيب 

بين هذا الإختلاف والتباين حول قيمة المنطق الصوري ، يمكن أن نقول أن له إيجابيات كما له سلبيات ، وانطباق الفكر مع نفسه يكون بالإعتماد على قواعد ومبادئ هذا المنطق ، لكن ضمان اتفاق العقول ، يستوجب الإستعانة باللغة الرمزية وبتطبيق المنطق الرياضي ، تماشيا مع لغة العصر ، ومواكبة مسيرة العلوم ، لتجنب الوقوع أحيانا في الزلل ووالخطأ هو سلبيات المنطق الصوري.

خاتمة 

في الأخير وبعد هذا التحليل والمناقشة ، نجد أنه من غير الممكن الوصول إلى الصواب في التفكير ، دون الإعتماد على المنطق الأرسطي ، فهو يعتبر القاعدة التي تحقق انطباق الفكر مع نفسه ، والقاعدة أيضا التي انطلق منها كل أنواع المنطق " الرياضي ، الجدلي " ، يقول الإمام الغزالي « من لم يتمنطق ، فلا ثقة بعلومه » ، لكنه يبقى في بعض الأحيان عاجزا وناقصا ، نظرا لكونه لا يحقق اتفاق العقول ، وهذا ما جعل قيمته تتأرجح بين المؤيد والمعارض عبر العصور ، ولكونه ثابتا أيضا،  حيث يقول فيه هنري بوانكاري « لا يمكن أن يعلمنا القياس شيئا جوهريا جديدا » .



نتمنى التوفيق لجميع تلاميذ الثالثة ثانوي ، المقبلين على إجتياز إمتحان شهادة البكالوريا لهذا العام .

مقالات ذات صلة 

العلم والفلسفة 


هل دائما لكل سؤال جواب ؟






تعليقات