القائمة الرئيسية

الصفحات

مقالة فلسفية حول المقارنة بين الملاحظة والتجربة بكالوريا 2024

 مقالة فلسفية حول المقارنة بين الملاحظة والتجربة بكالوريا 2024

مقارنة بين التجربة والملاحظة

مقالات مقترحة في مادة الفلسفة لتلاميذ الثالثة ثانوي المقبلين على اجتياز إمتحان شهادة البكالوريا دورة جوان 2024  في جميع الثانويات عبر ربوع الوطن .
مقالة المقارنة بين الملاحظة والتجربة لجميع الشعب ، كاملة مكتوبة بالتفصيل وجاهزة للطباعة والحفظ مباشرة ، هنا في هذا المقال .

نص الموضوع 

« إن التجريب نوع من الملاحظة » حلل وناقش 

عناصر المقال

تتكون المقالة الفلسفية بطريقة المقارنة من خمسة عناصر رئيسية وهي :
  • المقدمة
  • أوجه الإختلاف
  • أوجه التشابه
  • التركيب أو العلاقة
  • الخاتمة

المقدمة

يقسم المناطقة المنطق إلى صوري ومادي ، فالأول يهتم بتطابق الفكر مع نفسه أي بالفكر من حيث صورته وذلك من خلال التصورات والمفاهيم ، والثاني يهتم بتطابق الفكر مع الواقع أي يتجه إلى الأشياء وبالتالي يدرس الفكر من حيث مادته لأنه يصلح للعالم الطبيعي والواقعي ، الذي يتصف بالتغير والتجرد ومبني على التناقض . ولا يتحقق هذا الإنطباق ( إنطباق الفكر مع الواقع ) إلا على أساس تجريبي ، فالعلم يعتمد على المنهج التجريبي الذي ينقسم بدوره إلى عدة خطوات ومراحل أهمها الملاحظة والتجربة ، ولأن هناك كثيرين لا يستطيعون التمييز بين هتين المرحلتين ، هذا ما يدفعنا لطرح التساؤل التالي :

 ما الفرق بين الملاحظة والتجربة ؟ وما مدى تأثير كل منهما على الأخرى ؟

أوجه الإختلاف

إن المقارنة بين الملاحظة والتجربة تقتضي الوقوف على نقاط الإختلاف بينهما ، فإذا نظرنا من ناحية التعريف نلاحظ أن هناك تباين بينهما ، فالملاحظة بالتعريف هي أول خطوة من خطوات المنهج التجريبي وتعني : المشاهدة الحسية للظواهر الطبيعية كما هي في الواقع من أجل الوقوف على خصائصها ومميزاتها ، يقول جون ستيوارت مل « الطبيعة كتاب مفتوح إذا أردت أن تعرف قوانينها عليك أن تشاهدها » ، ولذلك تختلف الملاحظة العادية عن العلمية لأن الأولى لا يهدف صاحبها إلى كشف علمي ، أما الملاحظة العلمية فتقوم على التركيز والإنتباه ، و العالم حين يشاهد ظاهرة معينة فإن ملاحظته لها تكون بهدف الكشف عما هو جديد فيها و من أجل الوصول إلى غرض محدد ، حيث يحتاج هذا النوع من الملاحظة إلى استخدام الوسائل العلمية المتطورة " التلسكوب ، المجهر ..." وذلك إضافة إلى الحواس . أما التجربة بالتعريف هي نقل للظاهرة من الطبيعة إلى المخبر ومشاهدتها في ظروف إصطناعية مخبرية عن طريق بعض الأجهزة والآلات التقنية ، وعليه فهي ملاحظة ثانية على حد تعبير كلود برنارد الذي يقول « إن الملاحظ يصغي إلى الطبيعة » حيث يقصد من ذلك أن الملاحظة هي الإكتفاء فقط بالنظر إلى الحادثة ومحاولة جمع معلومات عنها ، أما التجربة فهي تلك المرحلة النهائية التي نصل من خلالها إلى قانون يفسر تلك الحادثة ، يقول جون ستيوارت مل « يولد العقل كصفحة بيضاء تأتي التجربة لتنقش عليها ما تشاء » .

 ويمكن تقسيم التجربة إلى نوعين : 

مباشرة يتم فيها الإنتقال من الملاحظة إلى التجربة ، وأخرى غير مباشرة  كالتطبيق على بعض الحيوانات ثم على الإنسان ، كما أنه يتم توجيه التجربة بإرادة من الباحث أو العالم قصد التأكد من الظاهرة موضوع الدراسة ، وتهدف إلى الكشف عن العلل والأسباب التي تحكم الظواهر و من ثم كانت مرحلة حاسمة في المنهج الإستقرائي لأنها تقرر صدق أو كذب الفرضية ، يقول كلود برنارد « إن التجربة هي الوسيلة الوحيدة التي نملكها لنطلع على طبيعة الأشياء التي هي خارجة عنا » .

 ومن الأمثلة حول تطبيق التجربة هي تجربة لويس باستور حول ظاهرة تعفن اللحم ، حيث قام باستحداث هذه الظاهرة في المخبر ، بحيث أتى بمجموعتين من القارورات وملأها بمرق اللحم وهي تجربة شهيرة له .

 كما توجد نقطة إختلاف أخرى تميز الملاحظة عن التجربة وهي من ناحية الخصائص والمميزات ، فالملاحظة تتميز بالكثير من الخصائص أهمها أن الملاحظ يشاهد الظواهر كما تحدث في الطبيعة كمشاهدة باستور لظاهرة تعفن اللحم ، أي شاهدها كما تحدث في الطبيعة ، كما أن الملاحظ لا يتدخل في الظاهرة بل يستقبلها كما هي في الواقع دون تعديل أو تغيير أو تبديل ، لذلك يقول كلود برنارد « ندعو ملاحظا ذلك الذي يستعمل طرق الإستقصاء البسيطة أو المركبة في دراسة الظواهر دون أن يتدخل في مجرى هذه الظواهر بل يستقبلها كما تقدمها له الطبيعة » ، و بذلك فهدف الملاحظ يكمن في ضبط خصائص ومميزات الظواهر والأحداث التي تمر عليه ، كما يقول « يجب على الملاحظ أن يكون كآلة تصوير يلتقط الحوادث كما هي في الواقع دون حكم سابق » . أما التجربة فتملك خصائص أخرى أهمها أن المجرب يتدخل في الظاهرة عن طريق التعديل والتبديل والتغيير من أجل تقريبها ما أمكن للتفسير المطلوب ، فإذا لم تنجح التجربة المدروسة يقوم بتغيير شروطها ، حيث يقول كلود برنارد « ونطلق صفة المجرب على من يستعمل طرق الإستقصاء البسيطة أو المركبة لتغيير أو تعديل الظواهر الطبيعية...، و يستحدث تلك الظواهر في ظروف أو في شروط ليس من شأن الطبيعة أن تقدمها فيها  » ، وبذلك يكون هدف المجرب هو الوصول إلى القانون العلمي وبالتالي ضبط الظواهر الطبيعية ضبطا كميا . كما أن التجربة العلمية لابد أن تكون بعيدة عن التفسيرات الذاتية ومطابقة لما لاحظناه على أرض الواقع ، ومن ثم لابد أن تكون موضوعية مجردة من الآراء الشخصية .

أوجه التشابه

إلا أن هذه النقاط التي تفرق الملاحظة عن التجربة لا تنفي وجود نقاط تشابه بينهما بدليل أن هناك عناصر مشتركة بينهما تمثل نقاط الإتفاق :

 فكلاهما يمثل خطوة من خطوات المنهج التجريبي الإستقرائي ، فالملاحظة تمثل الخطوة الأولى التي تنطلق منها الدراسة ، والتجربة تمثل الخطوة النهائية التي تضع القانون العام حول موضوع الدراسة ، لأن مختلف العلوم سواء كانت تجريبية أو إنسانية تستخدم هذا المنهج العلمي ( المنهج الإستقرائي ) ، الذي يعتمد على هاتين المرحلتين اللتان هما غاية في الأهمية .

 كما أن كلا من الملاحظة والتجربة يخصان الباحث أي العالم دون سواه ، لا يخصان الإنسان العادي ، حيث نجدهما عند الباحث في مختلف ميادين العلم فهو الذي يقوم بملاحظة الظواهر ملاحظة علمية ، ومن ثم تطبيقها بطريقة مخبرية.

 بالإضافة إلى ذلك ، فكلاهما يعتمد فيه الباحث على وجود وسائل تقنية وأجهزة متطورة كالمجهر والمنظار وغيرها ، فالملاحظ مثلا عند ملاحظته لظاهرة كسوف الشمس أو خسوف القمر ، فإنه يستعين بالنظارات الخاصة بتلك الظاهرة ،  أو عند مشاهدته للنجوم فإنه يستعين بجهاز التلسكوب ، والمجرب يستعين بالأنابيب ( أنابيب الإختبار ) ، الحوجلات ووسائل مخبرية أخرى ،  وهذا من أجل تدقيق الملاحظة " الأولى أو الثانية " ، كما أن الحواس قد تخدع الإنسان .

 وأخيرا يشتركان في الغاية ، لأن كلاهما يهدف إلى غاية واحدة وهي الوصول إلى القانون العلمي وبالتالي إكتشاف العلاقات الثابتة التي تتحكم في الظواهر من أجل التنبؤ بها ، وقد عبر كلود برنارد عن هذه النقطة المشتركة بقوله « إن للملاحظ والمجرب هدفا واحدا مشتركا وهو إدراك الحوادث وضبطها بالوسائل العلمية الدقيقة » .

التركيب

إن الإتفاق الموجود بين الملاحظة والتجربة  يدفعنا إلى تحديد العلاقة الموجودة بينهما ، وهذا من خلال شرح علاقة التداخل أو التأثير المتبادل بينهما ، إذ نجد أن هناك رابطة جامعة بينهما ، فإذا نظرنا إلى الملاحظة و التجربة من زاوية الوظيفة ، تظهر لنا هذه الرابطة في مدى تأثير كل منهما على الأخرى ، فالملاحظة تؤثر على التجربة أي أن التجربة تحتاج إلى الملاحظة لأن التجريب نوع من الملاحظة ، بدليل أن المجرب حين يصطنع الظاهرة في المخبر عن طريق ظروف خاصة ، فإنه يضطر إلى مشاهدتها مرة أخرى ، فإذا عدنا إلى المثال السابق فإننا نكشف بأن باستور حين استحدث ظاهرة تعفن اللحم في المخبر ، فإنه بعد أسابيع لاحظ مرة أخرى هذه القارورات وشاهدها . كما أن التجربة بدورها تؤثر في الملاحظة ، أي أن الملاحظة تحتاج إلى التجريب بدليل أن الملاحظة وحدها غير كافية للوصول إلى القوانين العلمية ، وبالتالي إكتشاف العلاقات الضرورية التي تتحكم في الظواهر . والعلاقة بينهما هي كعلاقة الجواهر بالخيط (علاقة تكاملية ) ، يقول ديوال « إن الجواهر موجودة ولكنها لا تؤلف عقدا قبل أن يأتي أحدهم بالخيط » .

الخاتمة

في الأخير وبعد هذا التحليل والمناقشة ، نصل إلى القول بأن هناك صلة وطيدة بين الملاحظة والتجربة وبأن هناك علاقة ضرورية وخدمة متبادلة ، أي وجود علاقة تكامل وظيفي لأن وظيفة التجربة تكمل وظيفة الملاحظة والعكس صحيح ، للوصول في الأخير إلى وضع قانون علمي هادف ، يقول كوفييه « إن الملاحظ يصغي إلى الطبيعة ، بينما المجرب يسألها ويرغمها على الإجابة » .


مقالات أخرى 

المنطق الصوري 

هل دائما لكل سؤال جواب ؟

مقالة قيمة الفرضية 





تعليقات