القائمة الرئيسية

الصفحات

مقالة الحقيقة بطريقة الجدل فلسفة بكالوريا 2024

مقالة الحقيقة بطريقة الجدل فلسفة بكالوريا 2024


مقالة الوصول إلى الحقيقة باك 2024

بعد تحديد وزارة التربية الوطنية لرزمانة الإمتحانات الرسمية في الجزائر والمتعلقة بإمتحان شهادة البكالوريا 2024 وامتحان شهادة التعليم المتوسط 2024، يتسابق التلاميذ مع الزمن لوضع خطة دراسية محكمة لجميع المواد خاصة طلاب شهادة البكالوريا من أجل تنظيم الوقت ووضع برنامج خاص يساعدهم على مراجعة الدروس وحفظ المواد خاصة الأساسية منها .
نصائح للطلاب قبل الإمتحان
مادة الفلسفة تعد واحدة من المواد الأساسية بالنسبة لتلاميذ شعبة الآداب والفلسفة ولا تقل أهمية كذلك عند الشعب العلمية، ومع زيادة عدد المقالات المقترحة من طرف الأساتذة فضلنا أن نضع بين يدي طلبتنا الأعزاء مجموعة من المقالات الفلسفية المكتوبة بالكامل والجاهزة للحفظ حتى نختصر عليهم الجهد والوقت.
هذه واحدة من المقالات الفلسفية المرشحة بقوة في بكالوريا 2024 مكتوبة كاملة هنا والتي تتحدث حول الوصول إلى الحقيقة عن طريق العقل أم التجربة وهي مقالة بطريقة الجدل.

الموضوع 

مقالة الحقيقة بطريقة الجدل شعبة آداب وفلسفة باك 2024.

نص السؤال 

يأتي نص السؤال في هذه المقالة على النحو التالي:
  • هل يمكن بناء الحقيقة على أساس العقل وحده؟
  • هل يمكن الوصول إلى الحقيقة بضمان من عقلنة الظواهر حلل و ناقش؟

نص المقال 

مقدمة

إذا كان التفكير أنواع ودرجات، تفكير فلسفي وتفكير علمي، فإن هذا الأخير هو دراسة الظواهر الطبيعية باستخدام المنهج التجريبي قصد الوصول إلى القوانين التي تتحكم فيها من أجل التنبؤ بها ويتصف بالموضوعية لأن العالم لا يعتمد على ذاتيته في تفسير الظواهر، ويتميز بالوضعية فهو يفسرها تفسيرا واقعيا بأسبابها المادية وليس تفسيرا ميتافيزيقيا، والإيمان بالحتمية أي بوجود شروط تؤدي إلى حدوثها وبمعرفتها يستطيع التنبؤ بها. كل هذه المواصفات تسمح للعالم بالإقتراب من الحقيقة .
 ولقد دار جدال ونقاش حاد بين المفكرين والفلاسفة حول طريقة الوصول إلى الحقيقة، بين قائل بأن ذلك يتم عن طريق عقلنة الظواهر، وبين مؤكد على أنه يكون عن طريق انتظامها، هذا ما يدفعنا لطرح الإشكال التالي :
 هل يمكن الوصول إلى الحقيقة العلمية بضمان من عقلنة الطبيعة ؟ أم من انتظامها ؟

الموقف الأول

يرى أنصار الموقف الأول وخاصة كلود برنار و أوغست كومت بأن الوصول إلى الحقيقة محوره عقلنة الطبيعة، وقت برهنوا على موقفهم هذا بعدة حجج أهمها :
أن الإفتراض هو أساس الوصول إلى الحقيقة لأن الفرضية فكرة ضرورية ومهمة في المنهج التجريبي، فهي خطوة تمهيدية للحقيقة العلمية باعتبارها تفسير وحل عقلي مؤقت لحوادث الطبيعة وعن طريقها يتعرف الباحث على أسبابها حيث يقول كلود برنار « إن الملاحظة توحي بالفكرة والفكرة تقود إلى التجربة... » ، كما أنه عن طريق الفرضية والفكر، يستطيع العالم أن يتخيل ما لا يظهر له في الطبيعة بشكل محسوس، فنحن مثلا لا ندرك دوران الأرض إدراكا مباشرا بشكل حسي لكن يتم تصور حدوثها، فغاية الفرضية ليس فقط في كونها تجعلنا نقيم تجارب جديدة بل في كونها تؤدي في غالب الأحيان إلى اكتشاف علاقات جديدة أو كانت مجهولة من قبل فهي بذلك مصدر للقوانين التي تمثل الحقيقة العلمية، يقول برنار « ينبغي أن نطلق العنان للخيال فالفكرة هي مبدأ كل برهنة وكل اختراع وإليها ترجع كل مبادرة...». كما أنهم قد استدلوا بدليل أن مختلف النظريات العلمية كانت عبارة عن فرضيات، فهي بذلك تكامل بين ما هو عقلي وبينما هو واقعي.

 بالإضافة إلى ذلك فقد استند أصحاب هذا الموقف ومنهم أوغست كومت إلى حجة ثانية بينوا فيها أن عقلنة الظواهر تتم عبر آليتين من أجل الوصول إلى الحقيقة بدءا من مشروع الإفتراض الذي يعتبر من الخطوات الإجرائية التي يقوم عليها المنهج الإستقرائي، وهو يدل على قدرة الباحث على تصور واقع معين يتحكم في الظواهر المراد تفسيرها وبالتالي يدفعه إلى إجراء تجارب وابتكار وسائل عن طريق هذا الإفتراض الذي يعطي للمعرفة العلمية حيوية وخصوبة، سواء كانت هذه الفكرة ناجحة أو ثبت بطلانها فالفشل يساعد على توجيه ذهن الباحث لإبداعات جديدة وفروض أخرى.
 لتليها الآلية الثانية التي تتمثل في الصياغة القانونية التي هي نتيجة وتلخيص أو محصلة الخطوات العلمية للمنهج التجريبي والنسق الإستقرائي وبالتالي الإثبات اليقيني لمشروع الإفتراض الذي يتحول إلى حقيقة علمية بتحوله إلى قانون، فيختفي الفرض ويظهر القانون ليعبر عن علاقات ثابتة وضرورية بين الظواهر تعبيرا رياضيا كميا، بدليل أنه عبارة عن معادلات رياضية يبتكرها العقل، بمعنى أن القانون هو الصيغة الرمزية التي تعبر عن مختلف العلاقات التي تحكم الظواهر استنادا إلى مبدأ السببية والحتمية كأوليات عقلية.

نقد الموقف الأول

لقد وفق أصحاب هذا الموقف في تأكيدهم بأن الوصول إلى الحقيقة يتم عن طريق عقلنة الظواهر ولكن اعتماد الباحث على عقله وخياله في تصور الحل الملائم للظاهرة يبعده عن حقيقتها ويؤدي به إلى الخروج عن قواعد المعرفة العلمية.
 ثم إن الفرضية فكرة شخصية (ذاتية) فإذا اعتمد عليها الباحث فإنها تؤدي إلى تدخل عوامل ذاتها في البحث العلمي تبعدها عن الحقيقة الموضوعية وتتصف بالشك والإحتمال،
 يقول غوبلو "الفرضية قفزة نحو المجهول..." أي ليست قفزة نحو الحقيقة. 
أما بالنسبة للقانون العلمي فهو حقيقة نسبية وليست مطلقة لأنه يتصف بالتغير والتجدد، فالقوانين العلمية التي ظهرت في القرن 18 للميلاد مثلا تغيرت في القرن 19للميلاد لهذا قيل "العلم لغز متجدد".

الموقف الثاني

أما أنصار الموقف الثاني وخاصة جون ستيوارت ميل وهنري بوانكاريه فيعتقدون أن الوصول إلى الحقيقة يتم عن طريق انتظام الظواهر، وقد أكدوا على موقفهم هذا بعدة حجج أهمها:
الحجة الأولى نجدها عند الفيلسوف ميل الذي يؤكد بأن الحقيقة العلمية التي يتوصل إليها الباحث عن طريق المنهج التجريبي الإستقرائي الذي يعتمد على مراحل للوصول إلى القوانين العلمية التي تتميز بالكلية والشمول والقابلية للتعميم ،هذه الأخيرة التي تعبر عن عملية عقلية يتم فيها الإنتقال من الحكم على الجزء للحكم على الكل، وهومعرفة عامة تسري على جميع الظواهر المتشابهة والمتماثلة التي يبحث عنها التفكير العلمي، أي أنه ليس بحاجة إلى دراسة جميع الظواهر عبر الزمان والمكان، بل نكتفي بإخضاع بعض الظواهر للتجربة ثم نعمم الحكم على بقية الظواهر، أي لها تفسيرواحد تتفق على إثباته العقول في أي مكان، ومن هنا كان التعميم هو الذي يعبرعن وحدة الحقيقة العلمية وقابليتها للإنتقال من مكان إلى آخر. ومثال ذلك قانون الجاذبية الذي ينطبق على كل الأجسام مهما اختلف البلد والتضاريس وأنواع المناخ، لأن قانون الجاذبية واحد في كل هذه الوضعيات. وأيضا ظاهرة سقوط الجسم، أين العالم لا يكتفي بتقريرهذه الظاهرة التي شوهدت عليه، وإنما يقوم بعرضها من خلال مفاهيم ذات طابع عام (الكتلة، الزمن، السرعة، الجاذبية،...) بحيث لا تعود القضية العلمية تتحدث عن سقوط هذا الجسم بالذات، بل بسقوط الجسم عموما، وبذلك تتحول التجربة العلمية الفردية إلى قضية عامة ( قانون عام ).

أما الحجة الثانية فنجدها عند الفيلسوف الفرنسي بوانكاريه الذي يؤكد بأن الظواهر الطبيعية لها قابلية التنبؤ بها، هذا الأخير الذي يمثل مشروع للبحث العلمي، والإيمان بمبدأ الحتمية الذي يقضي بأن الظواهر يتحتم حدوثها ما إن توفرت شروطها مثل دورة المياه في الطبيعة، ومبدأ اضطراد الظواهر الذي يتمثل في التتابع والتعاقب والتتالي المتكررين للظواهر الطبيعية، مثل تعاقب الليل والنهار، يمكن من معرفة حقيقة الظواهروالقوانين التي تتحكم فيها وتسيرعليها كشروط ضرورية لها ومن هنا يمكن أن نتوقع حدوث الظواهر وفق شروطها المعروفة مسبقا والتنبؤ بها مستقبلا قبل أن تقع والقدرة على التقدير فنحن لسنا بحاجة لدراسة ظاهرة ما على مر الزمان والمكان (اللحظات الزمكانية )، بل يكفي أن ندرسها على زمن معين ونعممها ونحدد أسبابها، فإن حدث ذلك في زمن مغاير تنبأنا بحدوث نفس الظاهرة مثل: الأرصاد الجوية ودراسة سقوط المطر وأسبابه، ظاهرة البراكينن و الزلازل، يقول بوانكاريه " العلم حتمي وذلك بالبداهة وهو يضع الحتمية موضع البديهيات إذ لولاها لما أمكن أن يكون."

نقد الوقف الثاني

صحيح ما ذهب إليه أصحاب هذا الموقف في دفاعهم عن مبدأ انتظام الظواهر، لكن الواقع يؤكد بأننا لا نستطيع تعميم نتائج الإستقراء دائما ، وبالتالي كل القوانين العلمية ، لأن ما يصدق على الجزء لا يصدق بالضرورة على الكل.
 كما يؤكد بأن بعض الظواهر لا تخضع لنظام الحتمية وبالتالي لا نستطيع التنبؤ بها مستقبلا، أي أن قابلية التنبؤ بالأشياء في نطاق الزمان غير ممكنة دائما بدليل أن معطيات العلم المعاصر ومنهم علماء الفيزياء يؤكدون بأن هناك ظواهر متناهية في الصغر (الذرة) تخضع  للاحتمية وبالتالي لا يمكن تحديد سرعتها (الإلكترون) إنما بالتقريب ، وهذا ما فتح المجال للإحتمال . يقول ديراك "لا سبيل للدفاع عن مبدأ الحتمية"، كما نجد هرقليطس الذي اعتبر بأنه لا يوجد شيء يدوم على حاله والسيرورة هي جوهر الكون فيقول "نحن لا ننزل في النهر مرتين".

التركيب

 بين هذا الإختلاف والتباين حول مصدر الحقيقة، يمكن القول بأن الوصول إلى الحقيقة يتم عن طريق عقلنة الظواهر وانتظامها في نفس الوقت ، لأن هناك تكامل بينهما بدليل أن عقلنة الطبيعة من خلال المنهج التجريبي الذي يعتمد فيه الباحث على عقله في الإفتراض وصياغة القانون ضروري للوصول إلى الحقيقة، ولكنها وحدها غير كافية فهي تحتاج إلى انتظام الظواهر في المكان والزمان، لأن الباحث حين يصل إلى القانون فإنه يستطيع تعميمه على بقية الظواهر وبالتالي يمكن التنبؤ بها مستقبلا.
 إذا فالعملية التي يصبو إليها المنطق الإستقرائي الحديث "الوصول إلى الحقيقة"، يستهدفها بضمان من عقلنة الظواهر وانتظامها معا.

الخاتمة

في الأخير وبعد هذا التحليل يمكن أن نستنتج بأن الوصول إلى الحقيقة لا يتم عن طريق عقلنة الظواهرالطبيعية فقط ، بل يتم عن طريق انتظام الظواهرأيضا وبالتالي فالعالم يعتمد في بحثه على وسيلتين ضروريتين للوصول إلى مختلف المعارف وهما العقل والتنبؤ معا.



هذه عبارة عن مقال فلسفي بطريقة جدلية وهي واحدة من المقالات الفلسفية المرشحة بقوة في بكالوريا 2024 لتلاميذ السنة الثالثة ثانوي جميع الشعب، نتمنى أن تستفيدوا منها وبالتوفيق لطلبتنا الأعزاء في هذا الإمتحان المصيري.

مقالات أخرى قد تهمكم لباك 2024:

تعليقات