القائمة الرئيسية

الصفحات

جدري القردة (إمبوكس Mpox ) وباء جديد يهدد البشرية

جدري القردة "Mpox" وباء جديد يهدد العالم

بعد تخطي جائحة كورونا هاهي اليوم العديد من الأنظمة والهيئات المسؤولة وعلى رأسهم منظمة الصحة العالمية تجري نقاشات رسمية وصارمة حول الكارثة الصحية القادمة التي ستجتاح العالم بأسره والتي تخص فيروس جدري القردة.


جدري القردة

فبعدما عاد مرض جدري القرود  للتفشي مرة أخرى  في القارة الإفريقية إنطلاقا من جمهورية الكونغو الديمقراطية إلى 5 خمس دول إفريقية  أخرى ، أعلنت الهيئة الصحية التابعة للإتحاد الإفريقي حالة طوارئ صحية عامة وسط مخاوف من أن يتحول إلى وباء عالمي.

ما هو جدري القردة ؟

هذا المرض المعروف إختصارا باسم إمبوكس (Mpox) ، هو مرض نادر مصدره أحد الفيروسات التي تنتمي لعائلة فيروسات الجدري وهي أربعة أنواع ( جدري البشر، جدري القرود، جدري البقر، و vaccinia virus  الذي يستخدم لتصنيع لقاح جدري البشر )، هو عبارة عن مرض فيروسي يظهر على شكل طفح جلدي، حيواني المنشأ فهو ينتقل في الأساس من الحيوانات ( القردة ) إلى البشر، ومن الإنسان إلى إنسان آخر حيث ينتشر بسهولة بين الأشخاص بطرق مباشرة وغير مباشرة مرفوقا بالعديد من الأعراض الأولية كالحمى وآلام العضلات.
 الفيروس ينتشر عبر سلالتين مختلفتين، فالأولى تعرف باسم سلالة حوض الكونغو والثانية تدعى سلالة غرب أفريقيا وهي الأسرع انتشارا.
 ويمكن أن تتسبب هذه العدوى بوفاة 10% من الحالات المصابة حيث يشكل الأطفال دون 15 سنة  النسبة الأكبر من عدد المصابين والتي قد تصل لحوالي 90 % من مجموع الإصابات.

تاريخ إكتشاف جدري القرود

تم اكتشاف جدري القردة لأول مرة سنة 1958 م وسط مستعمرات من القردة استعملت لغرض البحث العلمي لذلك أطلق عليه إسم "جدري القرود''، لكن هذا الفيروس لا يقتصر على القرد فقط، فهو ينتقل بين العديد من الحيوانات البرية من بينها القوارض. 
سجلت أول حالة إصابة للبشر بهذا المرض في جمهورية الكونغو الديمقراطية ( زائير سابقا ) سنة 1970 م، ومنذ ذلك الوقت أصبحت إفريقيا وبالتحديد المناطق الإستوائية في غرب ووسط إفريقيا البؤرة الرئيسية لفيروس الجدري.

إنتشار فيروس جدري القرود

على مر العقود التي تلت إكتشافه، تم رصد العديد من الحالات المصابة بجدري القرود بشكل دوري في العديد من الدول الإفريقية لا سيما في المناطق القريبة من الغابات، حيث يعيش الناس قريبا من الحيوانات البرية الحاملة للفيروس.

في عام 2003 م ، تم تسجيل أكبر تفشي لجدري القرود خارج إفريقيا في الولايات المتحدة.حدث هذا التفشي نتيجة استيراد حيوانات برية من إفريقيا كانت تحمل الفيروس مما أدى لنقل العدوى لبعض الحيوانات الأليفة الأخرى وللبشر كذلك الذين كانوا على اتصال بها.

وخلال العقد الأخير، زادت حالات التفشي بشكل أكبر وأسرع من ذي قبل خاصة خارج القارة الإفريقية، بسبب السفر العالمي وتجارة الحيوانات البرية وهو ما ظهر عام 2022 م في العديد من البلدان في شمال أوروبا وأمريكا الشمالية التي سجلت مئات الحالات بعدد غير مسبوق جعل من هذا المرض محط أنظار العالم وأصبح ظاهرة صحية وجب التعامل معها بجدية واتخاد إجراءات وقائية صارمة للحد من إنتشاره.

أعراض مرض جدري القردة 

أعراض هذا المرض الفيروسي النادر تبدأ عادة بعد فترة حضانة تتراوح بين 5 إلى 21 يوما ، تماثل الأعراض التي كان يشهدها في الماضي المرضى المصابون بجدري البشر، لكنها يمكن أن تختلف في شدتها وهذه تفاصيل دقيقة للأعراض التي قد تظهر على المصاب:

1. الأعراض الأولية 

في البداية تكون هناك أعراض تشابه الإنفلونزا بشكل عام  قد تستمر من 1 إلى 5 أيام وهي :
  • الحمى :
إرتفاع درجة حرارة الجسم يكون غالبا أحد أول الأعراض ( الحمى) التي قد تكون خفيفة إلى شديدة.
  • الصداع :
حمى جدري القردة تأتي في الغالب مترافقة مع صداع شديد يمكن أن يكون أحد الأعراض المبكرة للمرض.
  • آلام العضلات والمفاصل:
 يشعر المريض في البداية بآلام متفرقة في العضلات والمفاصل وهي أحد أعراض الإنفلونزا العادية .
  • التعب والارهاق :
إرهاق عام وشعور بالتعب الشديد هو أحد الأعراض الواضحة في جدري القرود يمكن أن يؤثر بشكل كبير على النشاط اليومي للمريض.
  • إلتهاب الحلق:
يمكن أن يشعر المريض بألم وحرقان في الحلق مع صعوبة في البلع بسبب الإحتقان والتورم الذي قد يحدث، مما يزيد من عدم راحة المريض، ويتفاقم هذا الشعور حينما يكون مصحوبا بأعراض المرض الأخرى .

2.الأعراض في المراحل المتقدمة

بعدها و كمرحلة ثانية تبدأ العلامات المميزة لجدري القرود في الظهور وهي تساعد في التفريق بينه وبين الجدري البشري وتشمل تضخم وانتفاخ  الغدد اللمفاوية خاصة  في الرقبة وتحت الإبطين وفي الفخذ كذلك، وهذا التورم يكون مصحوبا بألم  .

3. الأعراض الجلدية

هذا الأمر ينتهي بظهور الأعراض الأخيرة للمرض والمتمثلة في ظهورالطفح الجلدي على شكل  بثور حمراء في كافة أجزاء الجسم على الوجه واليدين وكذلك القدمين.
في البداية تكون عبارة عن بقع حمراء صغيرة، لتتحول إلى بثور مليئة بسائل ثم تتطور إلى قشور جلدية جافة والتي قد تترك علامات وندوب بعد الشفاء .
هذه الأعراض الجلدية قد تكون مصحوبة بآلام شديدة وحكة مزعجة.

4.أعراض أخرى

مرض جدري القردة قد يتعدى إلى أعراض أخرى  منها:
  • تهيج العينين مرفوق بإفرازات
  • سعال واحتقان في الأنف
  • القيء والشعور بالغثيان
  • الإسهال من خفيف إلى شديد  
هذه الأعراض قد تختلف شدتها من حالة إلى أخرى ولا يستلزم ظهور كل هذه الأعراض في كل الحالات ، حتى أنها قد تتداخل مع أعراض لأمراض أخرى .
 أما بالنسبة للمدة التي تستمر فيها فهي عادة من 2 إلى 4 أسابيع حيث تبدأ الأعراض الحادة في الإنخفاض تدريجيا مثل إنخفاظ درجة الحرارة واستعادة طاقة الجسم بينما يستمر الطفح الجلدي في التطور خلال فترة زمنية.
من المهم القيام بتشخيص دقيق من خلال الفحوصات الطبية لتحديد المرض بشكل صحيح والتعامل معه بفعالية وبسرعة حيث يكون التعافي ممكنا في معظم الحالات .

كيف يتم إنتقال عدوى جدري القرود ؟

جدري القرود ( Monkeypox ) هو مرض نادر ينتقل من الحيوانات إلى البشر ومن شخص إلى آخر ، أما عن انتقاله فيكون بإحدى الطرق التالية الدالة على مخالطة مباشرة أو غير مباشرة لمصدر المرض :

1. الإنتقال من الحيوانات إلى البشر

  • الإتصال المباشر: يمكن أن ينتقل الفيروس من الحيوانات المصابة إلى الإنسان من خلال الإتصال المباشر بسوائل الجسم أو الدم أو اللعاب للحيوان المصاب. ويحدث هذا الإتصال عندما يقوم الشخص بملامسة الحيوان المصاب مباشرة سواء كان حيوانا بريا مثل القوارض ( كالجرذان والسناجب ) أو القرود.
  • التعرض للإفرازات: فالتعامل مع لحوم الحيوانات المصابة، أو التعرض لإفرازاتها قد يتسبب في العدوى خاصة إن لم تطهى اللحوم بشكل جيد.
  • التعرض للعض أو الخدش: فانتقال العدوى يكون سهلا عن طريق لدغة أو خدش من حيوان مصاب.

2.الإنتقال من شخص لآخر

  • الإتصال المباشر: ينتقل الفيروس من شخص لآخر بسبب الإتصال المباشر بسوائل الجسم مثل اللعاب أو الدم أو القيح وغيره ، وخاصة من خلال الجروح المفتوحة أو أثناء الإتصال الجسدي الوثيق الذي يتسبب في العدوى.
  • الرذاذ التنفسي: في حالات نادرة يمكن أن ينتقل الفيروس من خلال الرذاذ الناتج عن تنفس شخص مصاب، لكنه لا يعتبر الوسيلة الأساسية للإنتقال.
  • الأدوات المشتركة: فاستخدام الأدوات الشخصية مثل المناشف والملابس والتي كانت ملامسة لشخص مصاب يزيد فرصة الإصابة بشكل كبير.

3.البيئة المحيطة

  • التلوث البيئي: فالفيروس يمكنه أن يعيش في بيئات معينة ولفترات زمنية محددة، مما يجعل الأسطح الملوثة وغير المعقمة مصدرا للخطر ويزيد من احتمال انتقال هذا الفيروس، لذلك النظافة والتعقيم المستمرين للأماكن كثيرة الإستعمال أمر ضروري للتقليل من فرص انتقال جدري القردة.

علاج مرض جدري القرود

لا يوجد علاج محدد لجدري القرود، ولكن يتم التعامل مع الأعراض وتوفير الرعاية الداعمة للمرضى وهذه بعض الإجراءات العامة المتبعة في الوقت الحالي :
  •  بالنسبة للأدوية يمكن استخدام أدوية مضادة للفيروسات منها " التيسيروب " الذي أظهر فعالية نوعا ما إلى جانب دواء " أسيكلوفير" التي تهدف لتقليل شدة المرض والأعراض وزيادة سرع الشفاء، لكن استعمالها يكون في حالات معينة فقط وتحت إشراف طبي فقط .
  • أما عن العلاج الداعم فيشمل توفير الراحة للمرضى بكل أشكالها ، و تقديم الكثير من السوائل والتغذية الجيدة لتقليل أعراض الحمى والألم ، والعناية المستمرة بالجروح والعمل على ترطيبها  لمنع العدوى.
  • كما أن إدارة الحالات المصابة بعدوى الجدري تستلزم عزل المرضى في بيئات طبية آمنة إلى غاية التشافي  لتجنب تفشي المرض والحفاظ على صحة الآخرين .
  • بالإضافة إلى إجراء فحوصات دورية للحالات المصابة  لتجنب حدوث مضاعفات .
  • الرعاية الصحية المتكاملة تعزز من فرص الشفاء وتقلل من خطر المرض أو الإصابة به، وهذا ما يتطلب تحضير العاملين في قطاع الصحة بشكل جيد لمجابهة وباء جدري القردة الجديد .

الوقاية من مرض جدري القرود

إليك أهم طرق الوقاية من الإصابة بجدري القرود وتجنب نقله :
  • تجنب لمس الأشخاص الآخرين خاصة المشكوك في إصابتهم أو الذين تظهر عليهم أعراض تشبه الأعراض المصاحبة لجدري القردة.
  • تجنب استعمال المرافق العامة أو تعقيمها قبل ذلك.
  • تجنب استعمال الأغراض الشخصية من ملابس أو ملاءات كانت ملامسة لشخص أو حتى حيوان مصاب.
  • تجنب التعامل المباشر مع أي شخص تظهر عليه أي أعراض أو طفح جلدي مثل التسليم باليد أو الوجه.
  • إرتداء القفازات وتجنب الأسطح العمومية
  • غسل اليدين بالماء والصابون جيدا بين  كل فترة زمنية وأخرى  
  • لا تسافر إلى الأماكن التي تعرف بانتشار العدوى 
  • الإبتعاد عن الحيوانات بالخصوص القوارض
  • تلقي لقاح الجدري

 لقاح جدري القردة

أما عن اللقاح  والذي صمم خصيصا لحماية الأفراد من هذا المرض المعدي ، فهناك لقاحين رئيسيين من بين اللقاحات المستخدمة ضد جدري القردة :

1. لقاح ACAM2000:

 مصمم خصيصا للوقاية من مرض الجدري ، لكن يتم الإستعانة به في حالة جدري القردة بسبب فعاليته، يعطى للأفراد عن طريق الحقن.


2. لقاح JYNNEOS

وهو مصمم حديثا ويعد أكثر اللقاحات أمانا ، يُعطى بشكل خاص للأشخاص المعرضين لخطر الإصابة بجدري القردة. وإعطاءه يكون أيضا عن طريق الحقن، وله آثار جانبية أقل مقارنة باللقاح التقليدي.


ولا يخفى أن اللقاحات تلعب دورًا مهمًا في التحكم في تفشي الفيروس وحماية المجتمعات، خاصةً في ظل زيادة الحالات المسجلة في بعض المناطق.
إلا أن الوصول إلى هذه اللقاحات  وتوفرها مازال يواجه عددا من التحديات، وعلى الرغم من ذلك يقول الأطباء إن احتواء المرض مازال ممكنا من خلال تقديم الرعاية الطبية الصحيحة وعدم تجاهل الأعراض.  
 


في الختام، يمثل جدري القردة تهديدًا صحيًا يتطلب اهتمامًا جادًا من المجتمع العالمي. مع تزايد الحالات وتوسّع انتشار الفيروس، تبرز أهمية الوقاية والتوعية كأدوات أساسية للحد من العدوى. تسهم اللقاحات المتاحة في حماية الأفراد والمجتمعات، مما يعكس التقدم العلمي في مواجهة التحديات الصحية. من الضروري أن تظل الحكومات، ومنظمات الصحة، والمجتمعات على أهبة الاستعداد لمواجهة هذا الفيروس من خلال تعزيز برامج اللقاحات، وتطوير استراتيجيات فعالة للتوعية، والاستجابة السريعة للحالات الطارئة. فقط من خلال التعاون والالتزام يمكننا القضاء على هذا المرض وضمان صحة وسلامة الجميع.


يمكنك الاطلاع أيضا على:

تقوية جهاز المناعة لمجابهة الأمراض

طرق التعقيم الصحيحة


تعليقات